بل هو راجع إلى أن حب الانسان لنفسه يقتضي دفع الضرر عنها، كما قد يهتم بدفع الضرر عن غيره لاهتمامه به وحبه له. ومن ثم قيل: إن دفع الضرر من الأمور الفطرية، لا الواجبات العقلية. وليس وراء الضرر المترتب أمر آخر من عقاب ونحوه يلزم بدفعه.
وما قيل: من استحقاق الذم بارتكاب الضرر الكاشف عن وجوب دفعه عقلا من باب التحسين والتقبيح، نظير استحقاق الذم بالظلم.
غير ظاهر، بل الظاهر أنه لا يستتبع إلا اللوم اللازم للتفريط المنافي للحكمة الملزمة بحفظ ما يتعلق الغرض بحفظه.
وعلى هذا يكون مرجع الدليل المذكور إلى أن مخالفة الظن بالتكاليف في معرض الوقوع في المفاسد، وتفويت المصالح الموجبة للتكليف، وليس وراء ذلك أمر آخر.
وهو مسلم بناء على التخطئة، لكنه لا يصلح للالزام بمتابعة الظن، لان المصالح والمفاسد المذكورة قد لا تكفي في الداعوية، إما لعدم كونها من سنخ الاضرار الشخصية الراجعة إلى المكلف نفسه، بل من الاضرار العامة التي لا يهتم بدفعها من لا يهتم بالصالح العام. أو لان الانسان قد يقدم على بعض الاضرار، لعدم كونه حكيما، أو لابتلائه ببعض المزاحمات ولو كانت هي صعوبة الاحتياط.
ولا سيما مع إمكان تدارك الاضرار المذكورة من قبل الشارع الأقدس، فإنه وإن لم يقم الدليل على ذلك - خلافا لمن ادعى امتناع جعل الطرق غير العلمية والأصول بدونه - إلا أن احتماله كاف في ضعف احتمال الضرر وصلوحه لان يزاحم.
وهذا بخلاف ما لو كان الوقوع في الضرر مظنة العقاب، فإن العقاب لأهميته صالح للداعوية العقلية مطلقا وإن ضعف احتماله، ولا يزاحم بشئ