وهي وإن اختلفت من حيث الحكم بالتخيير والترجيح والتوقف، إلا أن ظاهرها المفروغية عن قبول الرواية لولا التعارض.
ويبعد حملها على خصوص ما يقطع بصدوره، لندرة التعارض معه، بل لو فرض القطع بدوا بصدور الرواية إلا أن الالتفات إلى وجود المعارض لها يزيل القطع غالبا، خصوصا مع التنبيه في بعضها على كون الراويين ثقتين، فإنه كالصريح في أن المقتضي للعمل هو الوثوق بالراوي. مع أن اشتمال بعضها على المرجحات السندية - كالأوثقية - مانع من حملها على صورة العلم، إذ لا موضوع لها معه.
الطائفة الثانية: ما تضمن الارجاع للشيعة أو للعلماء والرواة، وكتبهم، كالتوقيع الشريف عن الحجة عجل الله فرجه: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) وكتاب الكاظم عليه السلام لعلي بن سويد: (وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك، لا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك من الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم...) وفي كتاب الهادي عليه السلام لأحمد بن حاتم بن ماهويه وأخيه: (فاصمدا في دينكما على كل مسن في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى) (1).
ودعوى: اختصاصها بالفتوى، في غير محلها، فإن الرجوع للرواة في الأول لو لم يختص بأخذ الروايات منهم فلا أقل من عمومه لها، فتأمل.
كما أن معالم الدين في الثاني تشمل الروايات أو تختص بها، كما أن الظاهر شمول الثالث لها بإطلاقه.
وأوضح منها في ذلك ما تضمن جواز الرجوع للكتب، كموثق عبيد بن زرارة، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: (احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها)،