نستفيد التركيب التحليلي المذكور؟
والجواب عن ذلك يتلخص في طرح ثلاث نظريات محتملة:
أ - إن التركيب التحليلي للمشتق مع بساطة مفهومه لحاظا وتصورا راجع للتركيب اللفظي فيه، حيث إن المشتق مشتمل على مادة وهيئة، فالمادة موضوعة وضعا شخصيا لطبيعي الحدث والصفة، والهيئة موضوعة وضعا نوعيا للذات المتلبسة بذلك المبدأ والصفة، فمنشأ التركيب التحليلي لمفهوم المشتق هو التركيب اللفظي في المشتق.
ولكننا لا نختار هذه النظرية لوجهين:
1 - ما ذكرناه مرارا من أن الوضع النوعي - وهو تجريد الهيئة عن المادة ووضعها وضعا نوعيا لمن قام بالحدث وتلبس بالصفة - تفكير حضاري متطور لا يتصور في المجتمع البدائي الذي انطلقت منه شرارة اللغة.
2 - إن مقتضى التركيب اللفظي للمشتق من مادة وهيئة هو تعدد الوضع والموضوع له، وذلك يستدعي انسباق صورتين للذهن: صورة لمدلول المادة - وهو طبيعي الصفة - وصورة لمدلول الهيئة وهو طبيعي الواجد لتلك الصفة، مع أننا لا نرى وجدانا الا صورة لحاظية واحدة مستبطنة للتركيب التحليلي.
وبعبارة أدق: إن مقتضى التركيب اللفظي وتعدد الوضع والموضوع له هو انسباق صورة تركيبية في الذهن على نحو التركيب الانضمامي، بينما المنسبق - وجدانا - للذهن عند اطلاق المشتق هو صورة لحاظية واحدة على نحو التركيب الاتحادي التحليلي، وبينهما فرق وجداني واضح.
ب - (النظرية الثانية المفترضة لتفسير التناسب بين مقام الاثبات ومقام الثبوت) أن التركيب التحليلي المستفاد من لفظ المشتق لا يبتني على التركيب اللفظي من المادة والهيئة، بل يبتني على قانون تداعي المعاني وقانون الاختراع والاتباع.