ب - ان القانون العرفي الكاشف عن الإرادة التفهيمية هو المقتضى لحمل اللفظ على جميع المعاني، والقانون العرفي حسب المبنى المختار هو قانون السببية الذي مر شرحه، وهو أن كل من أوجد سببا لمسبب ما مع التفاته للسببية فهو قاصد لايجاد المسبب عند العقلاء، وبما أن اللفظ ذو علقة وضعية مع جميع المعاني فلابد من حمله على إرادة جميع المعاني، بناءا على قانون السببية المذكور مع عدم نصبه قرينة على المقصود.
وكذلك لو اخترنا مسلك الالتزام والتعهد، فبما أن متعلق التعهد هو جميع المعاني فلابد من حمل اللفظ عليها جريا على وفق التعهد المذكور.
أولا ان النكتة العرفية التي يبتني عليها قانون السببية هي نكتة الفرار من محذور اللغوية، وذلك لان الموجد لسبب يؤدي لمسبب ما مع التفاته للسببية انما يتعين حمله على إرادة المسبب للزوم للغوية من ايجاده للسبب لو لم يقصد المسبب، وفرارا من هذا المحذور وصونا لافعال العقلاء عن اللغوية والعبث - كما عليه سيرتهم في جميع الأمور - يحمل على أنه قاصد للمسبب، وكذلك في عالم الألفاظ انما يحمل على ارادته للمعنى الكذائي صونا لكلامه عن اللغوية.
ومن المعلوم أنه يكفي في دفع محذور اللغوية في المقام حمل اللفظ على إرادة معنى واحد من بين المعاني - معين ثبوتا وان لم يعرف اثباتا - بلا حاجة لحمله على إرادة جميع المعاني خصوصا مع عدم القرينة على إرادة جميع المعاني، وانتقال الذهن لجميع المعاني على فرض حصوله فهو من لوازم العلم بالعلقة الوضعية.
ولا يصح جعله مقصدا وغاية وهدفا نظر إليه المتكلم مع عدم مساعدة قانون السببية على الحمل عليه، والفرق بين النتيجة اللازمة والغاية أوضح من أن يخفى.