وبما أن الإشارات غير وافية بذلك تعهد الانسان بأني كلما ذكرت اللفظ الفلاني فأنا أريد المعنى الفلاني، وهدفه من هذا التعهد تكوين العلاقة الراسخة بين اللفظ والمعنى بحيث يستطيع تفهيم مقاصده وتفهم مقاصد الآخرين عن طريق اللغة بلا حاجة للإشارات في مقام التفاهم.
الثانية: شمولية التعهد: لا فرق في اجراء وثيقة التعهد بين الواضع والمستعمل، فكما أن الواضع تعهد باطلاق اللفظ عند إرادة المعنى فكذلك المستعمل تعهد السير على هذا القانون الموضوع وهو ذكر اللفظ الفلاني عند إرادة المعنى الكذائي، ولولا تعهد المستعمل كالواضع لم تحصل الدلالة التفهيمية بين أبناء اللغة.
الثالثة: متعلق التعهد: ان الطرف الذي يتعلق به التعهد هو قصد التفهيم، حيث أن صياغة التعهد هي أني أذكر اللفظ الفلاني عندما اقصد المعنى الكذائي، و إنما لم يجعل متعلق التعهد هو خطور المعنى - بأن يقول كلما ذكرت اللفظ خطر المعنى - بل جعل المتعلق قصد التفهيم لوجهين:
أ - أن التعهد عملية اختيارية فلا بد أن يكون متعلقها أمرا اختياريا وقصد التفهيم عمل اختياري، بينما خطور المعنى أمر غير اختياري فكيف يتعلق به التعهد الاختياري.
ب - أن موضوع عملية الوضع تحدده الحاجة إلى الوضع، وما دام المنطلق لشرارة الوضع هو الحاجة للتفهيم والتفهم فلا محالة لابد ان يكون متعلق التعهد الوضعي هو قصد التفهيم، لأنه الباعث لنفس عملية الوضع، والنتيجة بحدود بواعثها وأسبابها.
الرابعة: الدلالة المتفرعة عن الوضع: لقد اتضح من النقاط السابقة ان الدلالة المتفرعة عن الوضع هي الدلالة التفهيمية مباشرة، إذ لا وجه لتفرع الدلالة التصورية عنه مع كون متعلقه هو الدلالة التفهيمية فكيف تتفرع عنه