والقاعدة العامة تحتم في هذه الحالة أن يحمل اللفظ على معناه الوحيد ويقال: " إن المتكلم أراد ذلك المعنى "، لان المتكلم يريد باللفظ دائما المعنى المحدد له في النظام اللغوي العام، ويعتبر الدليل في مثل هذه الحالة صريحا في معناه ونصا.
الثانية: أن يكون للفظ معان متعددة متكافئة في علاقتها باللفظ بموجب النظام اللغوي العام من قبيل المشترك، وفي هذه الحالة لا يمكن تعيين المراد من اللفظ على أساس تلك القاعدة: إذ لا يوجد معنى أقرب إلى اللفظ من ناحية لغوية لتطبيق القاعدة عليه، ويكون الدليل في هذه الحالة مجملا.
الثالثة: أن يكون للفظ معان متعددة في اللغة وأحدها أقرب إلى اللفظ لغويا من سائر معانيه، ومثاله كلمة " البحر " التي لها معنى حقيقي قريب وهو " البحر من الماء " ومعنى مجازي بعيد وهو " البحر من العلم "، فإذا قال الآمر: " إذهب إلى البحر في كل يوم " وأردنا أن نعرف ماذا أراد المتكلم بكلمة البحر من هذين المعنيين؟ يجب علينا أن ندرس السياق الذي جاءت فيه كلمة البحر ونريد ب " السياق " كل ما يكشف اللفظ الذي نريد فهمه من دوال أخرى، سواء كانت لفظية كالكلمات التي تشكل مع اللفظ الذي نريد فهمه كلاما متحدا مترابطا، أو حالية كالظروف والملابسات التي تحيط بالكلام وتكون ذات دلالة في الموضوع.
فإن لم نجد في سائر الكلمات التي وردت في السياق ما يدل على خلاف المعنى الظاهر من كلمة البحر كان لزاما علينا أن نفسر كلمة البحر على أساس المعنى اللغوي الأقرب تطبيقا للقاعدة العامة القائلة بحجية الظهور.
وقد نجد في سائر أجزاء الكلام ما لا يتفق مع ظهور كلمة البحر، ومثاله أن يقول الآمر: " اذهب إلى البحر في كل يوم واستمع إلى حديثه باهتمام ".
فإن الاستماع إلى حديث البحر لا يتفق مع المعنى اللغوي الأقرب إلى كلمة