إحتماله في المخبر الآخر، وكلما ضربنا قيمة احتمال بقيمة احتمال آخر، تضاءل الاحتمال، لان قيمة الاحتمال تمثل دائما كسرا محددا من رقم اليقين. فإذا رمزنا إلى رقم اليقين بواحد، فقيمة الاحتمال هي؟ أو؟ أو أي كسر آخر من هذا القبيل، وكلما ضربنا كسرا بكسر آخر خرجنا بكسر أشد ضآلة كما هو واضح. وفي حالة وجود مخبرين كثيرين لا بد من تكرار الضرب بعدد اخبارات المخبرين لكي نصل إلى قيمة احتمال كذبهم جميعا، ويصبح هذا الاحتمال ضئيلا جدا، ويزداد ضآلة كلما ازداد المخبرون حتى يزول عمليا، بل واقعيا لضالته، وعدم إمكان احتفاظ الذهن البشري بالاحتمالات الضئيلة جدا. ويسمى حينئذ ذلك العدد من الاخبارات التي يزول معها هذا الاحتمال عمليا أو واقعيا بالتواتر، ويسمى الخبر بالخبر المتواتر.
ولا توجد هناك درجة معينة للعدد الذي يحصل به ذلك. لان هذا يتأثر إلى جانب الكم بنوعية المخبرين، ومدى وثاقتهم ونباهتهم وسائر العوامل الدخيلة في تكوين الاحتمال.
وبهذا يظهر أن الاحراز في الخبر المتواتر يقوم على أساس حساب الاحتمالات، والتواتر تارة يكون لفظيا، وأخرى معنويا، وثالثة إجماليا، وذلك أن المحور المشترك لكل الاخبارات أن كان لفظا محددا، فهذا من الأول، وإن كان قضية معنوية محددة، فهذا من الثاني، وإن كان لازما منتزعا، فهذا من الثالث. وكلما كان المحور أكثر تحديدا كان حصول التواتر الموجب لليقين بحساب الاحتمالات أسرع إذ يكون إفتراض تطابق مصالح المخبرين جميعا بتلك الدرجة من الدقة رغم إختلاف أحوالهم وأوضاعهم أبعد في منطق حساب الاحتمالات.