بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
الدال والمدلول، لعدم استعماله إلا فيما وضع له، والخصوصية مستفادة من دال آخر، فتدبر (1).
____________________
(1) لا يخفى ان هذه الدعوى انما هي في لفظ (كل) لا في لفظ النهي، لأن النهي لم يوضع إلا لسلب المدخول، بخلاف لفظ (كل) فإنها موضوعة لاستيعاب افراد المدخول، فان لفظ (كل) في (كل رجل) يدل بالوضع على جميع افراد الرجل.
وتوضيح هذه الدعوى ان نقول إن لفظ رجل - مثلا - موضوع للماهية لا بشرط أي الماهية اللا متعينة بتعين أصلا وليس موضوعا للماهية المهملة بقيد الاهمال، وإلا لكان استعمالها في الماهية المتعينة من المجاز، وهو واضح الفساد.
فلفظ (كل) تدل بحسب الوضع على تعين جميع افراد هذه الطبيعة اللا متعينة بحسب الوضع، ومن الواضح ان اللا متعين يتعين بالمتعين فإذا تعينت هذه الماهية اللا بشرط بدلالة كل على تعينها بجميع الافراد فلا حاجة إلى اعمال مقدمات الحكمة لأجل استيعابها لجميع الافراد، ولا ينافي هذا كون لفظ (كل) موضوعا لاستيعاب جميع افراد ما يراد من المدخول، فإنه بعد بيان ان لفظ المدخول موضوع للماهية اللا متعينة وانه لابد من أن يتعين بما يستفاد من لفظ (كل) فيكون المراد من المدخول غير المقيد بشيء هو جميع افراد هذا الغير المقيد، وإذا قيد المدخول بشيء دلت لفظ (كل) على جميع افراد هذه الماهية المقيدة، ولا تكون الدلالة بالقرينة الخاصة على أن المراد من هذه الطبيعة هو المقيد من المجاز، لما عرفت إرادة المقيد من الماهية اللا متعينة ليس من الاستعمال المجازي، لأن المجازية اما لكونها مستلزمة لاستعمال لفظ كل في غير ما وضعت له وليس كذلك فان لفظ (كل) قد استعملت في استيعاب جميع افراد مدخولها، واما من اجل استعمال المدخول في غير ما وضع له وليس كذلك أيضا، فإنه إذا كان التقييد بنحو تعدد الدال والمدلول لا يكون مستلزما للمجازية، وهذا مراده من قوله: ((وان كان لا يلزم مجاز أصلا لو أريد منه)): أي من اللفظ الموضوع للماهية اللا متعينة ((خاص بالقرينة لا فيه)): أي لا في لفظ (كل) ((لدلالته على
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 184 185 186 187 189 190 191 ... » »»
الفهرست