من المسائل، والسبب فيه أن الذي برز في حياة المصنف - طاب مراقده - من هذا التأليف وأفرغه في قالب التنضيد والترصيف وكان هو الذي باشر جمعه وترتيبه ونظمه وتهذيبه مجلدان أنهى الأول منهما إلى أول مسألة المرة والتكرار، وبلغ من الثاني إلى مسألة مفهوم الوصف، فبينا يكتب المسألة المذكورة وهو يومئذ في محروسة إصبهان، والطلبة مجتمعون عنده من كل مكان يقتبسون منه أنوار العلوم الدينية، ويروون من رحيق المعارف اليقينية إذ أشار الدهر إلينا بالبنان وأصابتنا عين الزمان، فاختفى بعد أن كان ظاهرا مشهورا، وأصبح لفقده العلم كأن لم يكن شيئا مذكورا.
ثم إني عثرت له أعلى الله مقامه على أوراق متشتة، ومسودات متفرقة قد كتبها في سالف الزمان، من مسألة الأمر بالشئ مع علم الآمر بانتفاء شرطه إلى مباحث الاجتهاد، فصرفت برهة من الزمان في جمع شتاتها وترتيب متفرقاتها، ولم أقتصر على إيراد المسائل التامة، بل نقلت من المباحث كل ما وجدت منه جملة وافية بتحقيق مقام كافية في توضيح مرام وإن كان المبحث غير تام، وأسقطت كل مسألة لم أجد منها إلا قليلا لا يروي غليلا، فبلغ المجلد الذي جمعته قريبا من عشرين ألف بيت.
وبلغ الكتاب بأجمعه ما يقرب من خمسة وأربعين ألف بيت. وكان المصنف (قدس سره) يقول: إن الكتاب لو تم يكون نحوا من ثمانين ألف بيت، فيكون الناقص منه إذن نحوا من خمسة وثلاثين ألف بيت.
وثانيهما: أن أكثر نسخ الكتاب قد كثر فيها تحريف النساخ وتصحيف الكتاب حتى كاد أن لا ينتفع بالنسخ المذكورة لأجلها، وتحصل المباينة الكلية بين الفروع وأصلها، ولا سيما المجلد الثالث فقد كان أسوء حالا وأشد اختلالا من المجلدين الأولين، بل لم يوجد منه نسخة صحيحة في البين. وعلى ذلك جرت النسخ المطبوعة وإن كانت أصح من جملة من النسخ المكتوبة، فأضحت نسخ هذا الكتاب المستطاب الذي قرن به عيون أولي الألباب غير صالحة لكامل الانتفاع