الأجزاء السابقة من الوقت كما كان كذلك من أول الأمر، وتحتم الفعل حينئذ، بمعنى عدم جواز التأخير عنه لا يرفع التخيير فيه بالنسبة إلى ما تقدمه.
وأما في المضيقين الغير الموقتين فإن كان ذلك في أول وقت وجوبهما فالتخيير إن لم يكن بينهما ترتيب، وأما إذا مضى من أول وقت وجوبهما بقدر فعل أحدهما ففيه الاحتمالان المذكوران من كون وجوبهما في كل جزء من الزمان تخييريا، لكن مع تحقق الإثم على ترك ما تركه منهما بسبب تقصيره في التأخير إن كان تقصير، وكون وجوبهما في كل جزء منه حتميا، بمعنى عدم جواز تأخيرهما.
وعلى أي تقدير فلا يمكن الاستدلال على النهي من أحدهما بالأمر بالآخر.
وأنت خبير بضعف ما ذكره من وجوه:
الأول: أن ما ذكره من صحة الموسع المأتي به في وقت المضيق وإن عصى بترك المضيق فيه محل نظر، إذ مع كونه مأمورا بأداء المضيق في ذلك الزمان تعيينا كيف يكون مأمورا بفعل الموسع فيه أيضا؟ وليس الأمر به مع تعيين الآخر عليه وعدم رضاه بإتيان غيره فيه كما هو مقتضى التعيين إلا تدافعا، فإذا انتفى الأمر به فكيف يعقل حينئذ صحة الموسع الواقع فيه؟ وهذا هو ما أراده الشيخ (رحمه الله).
فقوله: " إذ لا قاضي... إلى آخره " كلام ظاهري غير مبني على وجه صحيح.
نعم، نحن نقول هنا بالصحة، ولكن من الوجه الذي قررناه من حصول التقييد في الجملة وبناء التكليفين على الترتيب حسبما مر، وهو أمر آخر ولو أراد ذلك كان عليه بيانه، وكان ما ذكره عين ما ادعى سابقا من عدم المنافاة بين الوجوب المضيق والموسع وقد عرفت وهنه.
الثاني: أن ما ذكره من عدم تفاوت الحال في المقام من جهة كون أحدهما أهم غير متجه، كيف! واهتمام الشرع ببعض الواجبات قاض بتعيين الأخذ به، ألا ترى أنه لو دار الأمر بين إزالة النجاسة عن المسجد وأداء الشهادة وحفظ نفس المؤمن قدم عليهما؟ وكذا لو دار بين أداء الدين أو الإتيان بالصلاة أو الصيام وبين حفظ