قلت: من البين أن مجرد الحكم بالاشتراط لا يفيد وجوب الشرط، إذ قد لا يكون المشروط واجبا فلا يعقل وجوب شرطه، وإنما يحكم بدلالة الاشتراط عليه بعد الحكم بوجوب المشروط فيكون وجوب الشرط مستفادا من وجوب المشروط بعد ثبوت الاشتراط، فيندرج ذلك في محل النزاع.
وربما يورد في المقام: بأنه إذا كان الواجب هو الفعل المقيد بالشرط المخصوص، كالصلاة المخصوصة الصادرة عن المتطهر فلا يمكن تحصيلها إلا بإيجاد سببها وكان التكليف بالصلاة المخصوصة بالخصوصية المذكورة تكليفا بأسبابه، وسببه (1) الأركان المخصوصة مع الطهارة فيلزم تعلق التكليف بالطهارة كتعلقه بالصلاة.
وفيه بعد تسليم القائل المذكور لوجوب السبب، كما هو أحد الاحتمالين في مذهبه أنه إذا كان الواجب هو الفعل المقيد لم يصح عد الإتيان بالسبب الباعث على حصول القيد سببا لحصول الواجب، إذ ليس الواجب هناك إلا شيئا واحدا ومن الواضح أن مجرد الإتيان بالشرط ليس سببا لحصول الفعل، بل ولاقتران الفعل به وإلا لزم حصول الصلاة بمجرد الإتيان بالطهارة، فكيف يصح عد ذلك من المقدمة السببية على أن الحال في الشروط ليست بأعظم من الأجزاء؟ وسيجئ أن حكم الجزء حكم سائر المقدمات فيكون الحكم بوجوبه مبنيا على وجوب المقدمة، فلا يكون نفس الأجزاء واجبة بناء على القول بعدم وجوب المقدمة فضلا عن السبب الباعث على وجودها، فكيف يصح القول بوجوب السبب المؤدى إلى وجود الشرط؟
ثم إن عد نفس الصلاة سببا لأداء الواجب مع وضوح كونه أداء لنفس الواجب، كما ترى، واحتج في النهاية للقائل بوجوب الشرط دون غيره بأنه لو لم يجب الشرط لم يكن شرطا.