غيرها حاصلا من جهة العقل أو العادة، فبعد ثبوت الاشتراط من جهة الشرع كيف يعقل القول بحصول المشروط من دون شرطه لو قلنا بعدم وجوب الشرط؟ إذ لا ملازمة بين عدم وجوب الشرط وإمكان الإتيان بالمشروط مع انتفائه كما أن عدم الوجوب بالنسبة إلى المقدمات العقلية والعادية لا يقضي بإمكان أداء الواجب من دونها.
غاية الأمر أن يكون التوقف والاشتراط هناك بالنظر إلى العقل أو العادة وهنا بالنظر إلى الشرع بل نقول: إن امتناع الإتيان به من دونه هنا أيضا عقلي بعد ثبوت الاشتراط والتوقف، لعدم إمكان الإتيان بالمقيد من دون القيد، وخروج القيد عن الواجب لا يقضي بإمكان حصوله من دونه مع دخول التقييد فيه، وأيضا على ما هو المختار عند العدلية من مطابقة حكم العقل للشرع يكون الشرط الشرعي راجعا إلى العقلي، غاية الأمر أن لا يكون الاشتراط معلوما للعقول الضعيفة ويكون حكم الشرع كاشفا عنه فلا وجه للتفصيل بينهما.
وأورد عليه أيضا: بأن الكلام في المقام إنما هو في دلالة مجرد الأمر بالشئ على الأمر بمقدمته، ولا يظهر من البيان المذكور فرق بين الشروط الشرعية وغيرها في ذلك، غاية الأمر أن الشروط الشرعية يجب الإتيان بها من جهة حكم الشرع بوجوبها، إذ ليس مفاد حكمه بشرطية شئ للواجب على ما ذكره إلا وجوب الإتيان به لأداء ذلك الواجب، فوجوب الشرائط الشرعية معلوم من حكم الشارع، كما أن وجوب الشرائط العقلية معلوم في حكم العقل، فليس وجوبها من جهة الأمر بما يتوقف عليها، كما هو المدعى.
ولا يخفى عليك ما فيه، فإن ذلك عين مقصود المفصل، فإنه إنما يستفيد وجوب الشروط الشرعية من وجوب المشروط به بعد حكم الشارع بالاشتراط.
فإن قلت: إنه لا ربط لما ذكره بكون الأمر بالشئ أمرا بمقدمته حتى يصح عد ما ذكر من القول تفصيلا في المسألة، فإن قضية الحجة المذكورة دلالة حكم الشارع بالاشتراط على وجوب الشرط والأمر به، وهذا مما لا ربط له بكون الأمر بالمشروط قاضيا بوجوبه، كما هو الملحوظ في المقام.