المذكورة في الحد. فعلم بذلك أن تفسير الأحكام بالظاهرية يعم الواقعية أيضا، فلا حاجة إلى حملها على الأعم من الظاهرية والواقعية كما في كلام بعض الأفاضل، بل لا يخلو ظاهر ما ذكره عن مناقشة، كما لا يخفى.
فإن قلت: لو كان الأمر كما ذكر فلا فرق بين المصوبة والمخطئة، إذ المفروض مطابقة الحكم المذكور للواقع أيضا وإن كان مخالفا للحكم الأول، غاية الأمر أن يكون الثاني ثانويا، ولا شك أن الأحكام الواقعية ليست كلها أولية، لاختلاف الأحكام الواقعية باختلاف الأحوال كالقدرة والعجز والصحة والمرض والحضر والسفر وغيرها من الأمور الطارئة على المكلف.
قلت: فرق بين بين الأمرين، فإن مطلوب الشارع في المقام حقيقة هو الأول وإنما تعلق التكليف بالأخير في الظاهر نظرا إلى اشتباه المكلف.
وتحقيقه: أن الحسن أو القبح الحاصل من جهة نفس الفعل إما بملاحظة ذاته أو سائر اعتباراته - ولو بانضمام تعلق الأمر به - هو الحكم الواقعي، وأما الحسن أو القبح الطارئ عليه أو على تركه من جهة اشتباه المكلف وغفلته عما هو عليه أو عدم إمكان وصوله إليه من غير أن يكون لنفس الفعل أو الترك أو بعض اعتباراتهما بعث عليه فهو الظاهري المفارق للواقعي، وبين الأمرين بون بعيد، إذ الحكم بالامتثال في الأخير إنما يكون مع بقاء الغفلة والجهل، وأما بعد ظهور الحال فلا امتثال لما هو مطلوب الآمر، فكل من التكليف الظاهري المفروض والحكم بحصول الامتثال لو أتى بالفعل إنما يستمر باستمرار الجهل، وأما بعد انكشاف الخلاف فيرجع الأمر إلى التكليف الأول، فإن كان الوقت باقيا وجبت الإعادة بمقتضى الأصل لبقاء التكليف ووجوب الامتثال، وإن كان فائتا وجب القضاء لو دل دليل على وجوب القضاء لصدق الفوات.
فإن قلت: كيف يصح القول بعدم تحقق الامتثال مع تعلق التكليف بما أتى به من الفعل قطعا؟ فيكون الإتيان به قاضيا بالإجزاء محصلا للطاعة والامتثال بلا امتراء.