الثالث: إخبار الله نبيه بتقديم كفرهم وخلافهم وشقاوتهم وتعنتهم على الأنبياء، فكأنه تعالى يقول: إذا كانت هذه معاملتهم مع نبيهم الذي أعزهم الله به، وأنقذهم من العذاب بسببه، فغير بدع ما يعامله به أخلافهم محمدا صلى الله عليه وسلم.
الرابع: تحذير أهل الكتاب الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من نزول العذاب بهم، كما نزل بأسلافهم.
* * * وهنا سؤالان:
أحدهما: ما الحكمة في عدم تكرر قصة يوسف عليه السلام، وسوقها مساقا واحدا في موضع واحد، دون غيرها من القصص؟.
والجواب من وجوه:
الأول: ما فيها من تشبيب النسوة به، وتضمن الإخبار عن حال امرأة ونسوة افتتن بأبدع الناس جمالا، وأرفعهم مثالا، فناسب عدم تكرارها لما فيها من الإغضاء والستر عن ذلك. وقد صحح الحاكم في مستدركه حديثا مرفوعا: النهي عن تعليم النساء سورة يوسف.
الثاني: أنها اختصت بحصول الفرج بعد الشدة، بخلاف غيرها من القصص، فإن مآلها إلى الوبال، كقصة إبليس، وقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وغيرهم، فلما اختصت هذه القصة في سائر القصص: بذلك اتفقت الدواعي على نقلها لخروجها عن سمت القصص.
الثالث: قاله الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني إنما كرر الله قصص الأنبياء، وساق قصة يوسف مساقا واحدا، إشارة إلى عجز العرب، كأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: