السادس: التعجب، كقوله تعالى: (فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر)، فأعيد تعجبا من تقديره وإصابته الغرض، على حد: قاتله الله ما أشجعه!
السابع: لتعدد المتعلق، كما في قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)، فإنها وإن تعددت، فكل واحد منها متعلق بما قبله، وإن الله تعالى خاطب بها الثقلين من الإنس والجن، وعدد عليهم نعمه التي خلقها لهم، فكلما ذكر فصلا من فصول النعم طلب إقرارهم واقتضاهم الشكر عليه، وهي أنواع مختلفة، وصور شتى.
فان قيل: فإذا كان المعنى في تكريرها عد النعم واقتضاء الشكر عليها، فما معنى قوله: (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران)؟ وأي نعمة هنا، وإنما هو وعيد!
قيل: إن نعم الله فيما أنذر به وحذر من عقوباته على معاصيه ليحذروها فيرتدعوا عنها، نظير أنعمه على ما وعده، وبشر من ثوابه على طاعته، ليرغبوا فيها، ويحرصوا عليها، وإنما تتحقق معرفة الشئ بأن تعتبره بضده، والوعد والوعيد وإن تقابلا في ذواتهما، فإنهما متقاربان في موضع النعم بالتوقيف على ملاك الأمر منها، وعليه قول بعض حكماء الشعراء:
والحادثات وإن أصابك بؤسها * فهو الذي أنباك كيف نعيمها وإنما ذكرنا هذا، لتعلم الحكمة في كونها زادت على ثلاثة، ولو كان عائدا لشئ واحد لما زاد على ثلاثة، لأن التأكيد لا يقع به أكثر من ثلاثة.
فإن قيل: فإذا كان المراد بكل ما قبله، فليس ذلك بإطناب، بل هي ألفاظ أريد بها غير ما أريد بالآخر!