الرابع تنقسم إلى مرشحة - وهي أحسنها - وهي أن تنظر إلى جانب المستعار وتراعيه، كقوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم)، فإن المستعار منه الذي هو الشراء هو المراعي هنا، وهو الذي رشح لفظتي الربح والتجارة للاستعارة، لما بينهما من الملاءمة.
وإلى تجريدية، وهي أن تنظر إلى جانب المستعار له، ثم تأتي بما يناسبه ويلائمه، كقوله تعالى: (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف)، فالمستعار اللباس، والمستعار له الجوع، فمجرد الاستعارة، بذكر لفظ الأداة المناسبة للمستعار له وهو الجوع، لا المستعار وهو اللباس، ولو أراد ترشيحها لقال: وكساها لباس الجوع. وفي هذه الآية مراعاة المستعار له، الذي هو المعنى، وهو الجوع والخوف، لأن ألمهما يذاق ولا يلبس.
وقد تجئ ملاحظة المستعار الذي هو اللفظ، كقوله تعالى: (وامرأته حمالة الحطب)، إذا حملنا الحطب على النميمة، فاعتبر اللفظ فقال: " حمالة " ولم يقل: " راوية " فيلاحظ المعنى.
وأما الاستعارة بالكناية فهي ألا يصرح بذكر المستعار، بل تذكر بعض لوازمه تنبيها به عليه، كقوله: شجاع يفترس أقرانه، وعالم يغترف منه الناس، تنبيها على أن الشجاع أسد والعالم بحر.
ومنه المجاز العقلي كله عند السكاكي.