فأما إذا لم يتغير به حكم، كقولك: زيد منطلق وعمرو، بحذف الخبر فلا يكون مجازا إذا لم يتغير حكم ما بقي من الكلام.
والتحقيق أنه إن أريد بالمجاز استعمال اللفظ في غير موضعه فالمحذوف ليس كذلك، لعدم استعماله، وإن أريد بالمجاز إسناد الفعل إلى غيره - وهو المجاز العقلي - فالحذف كذلك.
فصل [في أن الحذف خلاف الأصل] والحذف خلاف الأصل، وعليه ينبني فرعان:
أحدهما: إذا دار الأمر بين الحذف وعدمه كان الحمل على عدمه أولى، لأن الأصل عدم التغيير.
والثاني: إذا دار الأمر بين قلة المحذوف وكثرته، كان الحمل على قلته أولى.
[أوجه الكلام على الحذف] ويقع الكلام في الحذف من خمسة أوجه: في فائدته، وفي أسبابه، ثم في أدلته، ثم في شروطه، ثم في أقسامه.
[فوائد الحذف] الوجه الأول في فوائده:
فمنها التفخيم والإعظام، لما فيه من الإبهام، لذهاب الذهن في كل مذهب، وتشوفه إلى ما هو المراد، فيرجع قاصرا عن إدراكه، فعند ذلك يعظم شأنه، ويعلو في النفس مكانه. ألا ترى أن المحذوف إذا ظهر في اللفظ زال ما كان يختلج في الوهم من المراد، وخلص للمذكور!