تكون ألفاظه واحدة بأعيانها، فيكون شيئا معادا، فنزهه عن ذلك بهذه التغييرات.
ومنها: أن المعاني التي اشتملت عليها القصة الواحدة من هذه القصص صارت متفرقة في تارات التكرير فيجد البليغ - لما فيها من التغيير - ميلا إلى سماعها، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقل في الأشياء المتجددة التي لكل منها حصة من الالتذاذ به مستأنفة.
ومنها: ظهور الأمر العجيب في اخراج صور متباينة في النظم بمعنى واحد، وقد كان المشركون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يعجبون من اتساع الأمر في تكرير هذه القصص والأنباء مع تغاير أنواع النظم، وبيان وجوه التأليف، فعرفهم الله سبحانه أن الأمر بما يتعجبون منه مردود إلى قدرة من لا يلحقه نهاية، ولا يقع على كلامه عدد، لقوله تعالى: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) وكقوله: (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده...) الآية.
* * * وقال القفال في تفسيره: ذكر الله في أقاصيص بني إسرائيل وجوها من المقاصد:
أحدها: الدلالة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر عنها من غير تعلم، وذلك لا يمكن إلا بالوحي.
الثاني: تعديد النعم على بني إسرائيل، وما من الله على أسلافهم من الكرامة والفضل، كالنجاة من آل فرعون، وفرق البحر لهم، وما أنزل عليه في التيه من المن والسلوى، وتفجر الحجر، وتظليل الغمام.