والمعجزات، من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص وغيره، ولكونه خلق من غير تراب. والتزهيد في الدنيا وغالب هذه الأمور هي للملائكة أتم، وهم فيها أقوى، فإن كانت هذه الصفات أوجبت عبادته، فهو مع هذه الصفات لا يستنكف عن عبادة الله، بل ولا من هو أكبر منه في هذه الصفات، للترقي من الأدنى إلى الأعلى في المقصود، ولم يلزم منه الشرف المطلق والفضيلة على المسيح.
السابع عشر الترقي كقوله: (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها...) الآية، فإنه سبحانه بدأ منها بالأدنى لغرض الترقي، لأن منفعة الرابع أهم من منفعة الثالث، فهو أشرف منه، ومنفعة الثالث أعم من منفعة الثاني، ومنفعة الثاني أعم من منفعة الأول، فهو أشرف منه.
وقد قرن السمع بالعقل ولم يقرن به البصر في قوله: (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون. ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون)، وما قرن بالأشرف كان أشرف، وحكى ذلك عن علي بن عيسى الربعي.
قال الشيخ أبو الفتح القشيري:
فإن قيل: قد كان الأولى أن يقدم الوصف الأعلى، ثم ما دونه، حتى ينتهى إلى أضعفها، لأنه إذا بدا بسلب الوصف الأعلى، ثم بسلب ما دونه، كان ذلك أبلغ في الذم،