فائدة اختلف في قوله تعالى: (إن الله لا يخلف الميعاد) بعد (ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه).
فقيل: إن الكلام تم عند قوله: (لا ريب فيه)، وهذا الذي بعده من مقول الله تصديقا لهم.
وقيل: بل هو من بقية كلامهم الأول على طريقة الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، كقوله: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم).
فإن قلت: قد قال في آخر السورة: (ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد)، فلم عدل عن الخطاب هنا؟ قلت: إنما جاء الالتفات في صدر السورة، لأن المقام يقتضيه، فإن الإلهية تقتضي الخير والشر لتنصف المظلومين من الظالمين، فكان العدول إلى ذكر الاسم الأعظم أولى. وأما قوله تعالى في آخر السورة: (إنك لا تخلف الميعاد): فذلك المقام مقام الطلب للعبد من ربه أن ينعم عليه بفضله، وأن يتجاوز عن سيئاته، فلم يكن فيه ما يقتضى العدول عن الأصل المستمر.
البحث الرابع في شرطه تقدم أن شرط الالتفات أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه، وشرطه أيضا أن يكون في جملتين، أي كلامين مستقلين، حتى يمتنع بين الشرط وجوابه.