الإبدال من كلامهم إبدال الحروف، وإقامة بعضها مقام بعض، يقولون: مدحه ومدهه، وهو كثير، ألف فيه المصنفون، وجعل منه ابن فارس قوله تعالى: (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم)، فقال: فالراء واللام متعاقبان، كما تقول العرب:
فلق الصبح وفرقه. قال: وذكر عن الخليل - ولم أسمعه سماعا - أنه قال في قوله تعالى:
(فجاسوا خلال الديار)، إنما أراد " فحاسوا " فقامت الجيم مقام الحاء.
قال ابن فارس: وما أحسب الخليل قال هذا، ولا أحقه عنه.
قلت: ذكر ابن جنى في " المحتسب ": أنها قراءة أبو السمال، وقال: قال أبو زيد - أو غيره - قلت له: إنما هو " فجاسوا "، فقال: حاسوا وجاسوا واحد. وهذا يدل على أن بعض القراء يتخير بلا رواية، ولذلك نظائر. انتهى.
وهذا الذي قاله ابن جنى غير مستقيم، ولا يحل لأحد أن يقرأ إلا بالرواية. وقوله:
" إنهما بمعنى واحد " لا يوجب القراءة بغير الرواية كما ظنه أبو الفتح وقائل ذلك، والقارئ به هو أبو السوار الغنوي لا أبو السمال فاعلم ذلك. كذلك أسنده الحافظ أبو عمرو الداني، فقال: حدثنا المازني، قال: سألت أبا السوار الغنوي، فقرأ: " فحاسوا " بالحاء غير الجيم، فقلت: إنما هو " فجاسوا " قال: حاسوا وجاسوا واحد، يعنى أن اللفظين بمعنى واحد، وإن كان أراد أن القراءة بذلك تجوز في الصلاة، والغرض كما جازت بالأولى، فقد غلط في ذلك وأساء.