أحدها: أنه إذا كرر القصة زاد فيها شيئا، ألا ترى أنه ذكر الحية في عصا موسى عليه السلام، وذكرها في موضع آخر ثعبانا، ففائدته أن ليس كل حية ثعبانا، وهذه عادة البلغاء، أن يكرر أحدهم في آخر خطبته أو قصيدته كلمة، لصفة زائدة.
الثانية: أن الرجل كان يسمع القصة من القرآن ثم يعود إلى أهله، ثم يهاجر بعده آخرون يحكون عنه ما نزل بعد صدور الأولين، وكان أكثر من آمن به مهاجريا، فلولا تكرر القصة لوقعت قصة موسى إلى قوم، وقصة عيسى إلى آخرين، وكذلك سائر القصص، فأراد الله سبحانه وتعالى اشتراك الجميع فيها، فيكون فيه إفادة القوم، وزيادة [تأكيد وتبصرة]، لآخرين وهم الحاضرون، وعبر عن هذا ابن الجوزي وغيره.
الثالثة: تسليته لقلب النبي صلى الله عليه وسلم مما اتفق للأنبياء مثله مع أممهم قال تعالى: (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك).
الربعة: أن إبراز الكلام الواحد في فنون كثيرة وأساليب مختلفة لا يخفى ما فيه من الفصاحة.
الخامسة: أن الدواعي لا تتوفر على نقلها كتوفرها على نقل الأحكام، فلهذا كررت القصص دون الأحكام.