الالتفات وفيه مباحث:
الأول: في حقيقته وهو نقل الكلام من أسلوب إلى أسلوب آخر تطرية واستدرارا للسامع، وتجديدا لنشاطه، وصيانة لخاطره من الملال والضجر، بدوام الأسلوب الواحد على سمعه، كما قيل:
لا يصلح النفس إن كانت مصرفة * إلا التنقل من حال إلى حال قال حازم في " منهاج البلغاء ": وهم يسأمون الاستمرار على ضمير متكلم أو ضمير مخاطب، فينتقلون من الخطاب إلى الغيبة. وكذلك أيضا يتلاعب المتكلم بضميره، فتارة يجعله تاء على جهة الإخبار عن نفسه، وتارة يجعله كافا فيجعل نفسه مخاطبا وتارة يجعله هاء، فيقيم نفسه مقام الغائب. فلذلك كان الكلام المتوالي فيه ضمير المتكلم والمخاطب لا يستطاب، وإنما يحسن الانتقال من بعضها إلى بعض، وهو نقل معنوي لا لفظي، وشرطه أن يكون الضمير في المتنقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى الملتف عنه، ليخرج نحو أكرم زيدا، وأحسن إليه، فضمير " أنت " الذي هو " أ كرم " غير الضمير في " إليه ".
* * * واعلم أن للتكلم والخطاب والغيبة مقامات، والمشهور أن الالتفات هو الانتقال من أحدها إلى الآخر بعد التعبير بالأول.