ويجوز أن يراد بالعود في ملتهم مجرد المساكنة والاختلاط، بدليل قوله: (إذ نجانا الله منها). ونظيره: (ومطهرك من الذين كفروا)، ويكون ذلك إشارة إلى الهجرة عنهم، وترك الإجابة لهم، لا جوابا لهم. وفيه بعد.
السادس تغليب الجنس الكثير الأفراد على فرد من غير هذا الجنس مغموز فيما بينهم، بأن يطلق اسم الجنس على الجميع كقوله: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس)، وأنه عد منهم، مع أنه كان من الجن، تغليبا لكونه جنيا واحدا فيما بينهم. ولأن حمل الاستثناء على الاتصال هو الأصل. ويدل على كونه من غير الملائكة ما رواه مسلم في صحيحه: " خلقت الملائكة من نور والجن من النار ".
وقيل: إنه كان ملكا فسلب الملكية، وأجيب عن كونه من الجن بأنه اسم لنوع من الملائكة.
قال الزمخشري: كان مختلطا بهم، فحينئذ عمته الدعوة بالخلطة لا بالجنس، فيكون من تغليب الأكثر.
هذا إن جعلنا الاستثناء متصلا، ولم يجعل " إلا " بمعنى " لكن ".
وقال ابن جنى في " القد ": قال أبو الحسن في قوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى