بوجوده، ولكن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عرفنا اسمه وجوب النظر المؤدي إلى معرفته، فآمنا بالرسول ثم بالكتاب المنزل عليه، وبالملك النازل به، فلو ترتب اللفظ على حسب إيماننا لبدأ بالرسول قبل الكتاب، ولكن إنما ترتب على حسب إيمان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، الذي هو إمام المؤمنين. ذكره السهيلي في أماليه.
وقال غيره: في هذا الترتيب سر لطيف، وذلك لأن النور والكمال والرحمة والخير كله مضاف إلى الله تعالى، والوسائط في ذلك الملائكة، والمقابل لتلك الرحمة هم الأنبياء والرسل، فلا بد أولا من أصل، وثانيا من وسائط، وثالثا من حصول تلك الرحمة، ورابعا من وصولها إلى المقابل لها، والأصل المقتضى للخيرات والرحمة هو الله، ومن أعظم رحمة رحم بها عباده إنزال كتبه إليهم، والموصل لها هم الملائكة، والمقابل لها المنزلة عليهم هم الأنبياء، فجاء الترتيب على ذلك بحسب الوقائع.
الثاني بالذات كقوله تعالى: (مثنى وثلاث ورباع). ونحوه (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم)، وقوله: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) وكذلك جميع الأعداد كل مرتبة هي متقدمة على ما فوقها بالذات.
وأما قوله تعالى: (إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم) فوجه تقديم المثنى أن المعنى حثهم على القيام بالنصيحة لله، وترك الهوى، مجتمعين متساويين أو منفردين متفكرين. ولا شك أن الأهم حالة الاجتماع فبدأ بها.