التاسع سبق ما يقتضى تقديمه وهو دلالة السياق، كقوله تعالى: (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون)، لما كان إسراحها وهي خماص، وإراحتها وهي بطان، قدم الإراحة لأن الجمال بها حينئذ أفخر.
وقوله: (وجعلناها وابنها آية للعالمين)، لأن السياق في ذكر مريم في قوله:
(والتي أحصنت فرجها)، ولذلك قدم الابن في غير هذا المكان، قال تعالى: (وجعلنا ابن مريم وأمه آية).
وقوله: (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)، فإنه قدم الحكم مع أن العلم لا بد من سبقه للحكم، ولكن لما كان السياق في الحكم قدمه، قال تعالى: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين) ويحتمل أن المراد بالحكم الحكمة، وبها فسر الزمخشري قوله تعالى في سورة يوسف: (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما)، وأما تقديم الحكيم على العليم في سورة الأنعام، فلأنه مقام تشريع الأحكام، وأما في أول سورة يوسف فقدم العليم على الحكيم، لقوله في آخرها: (وعلمتني من تأويل الأحاديث).