ومن تشبيه المفرد بالمركب قوله: (مثل نوره كمشكاة)، فإنه سبحانه أراد تشبيه نوره الذي يلقيه في قلب المؤمن، ثم مثله بمصباح، ثم لم يقنع بكل مصباح، بل بمصباح اجتمعت فيه أسباب الإضاءة، بوضعه في مشكاة، وهي الطاقة غير النافذة، وكونها لا تنفذ، لتكون أجمع للتبصر، وقد جعل فيها مصباح في داخل زجاجة، فيه الكوكب الدري في صفائها، ودهن المصباح من أصفى الأدهان وأقواها وقودا، لأنه من زيت شجر في أوسط الزجاج لا شرقية ولا غربية، فلا تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار بل تصيبها أعدل إصابة.
وهذا مثل ضربه الله للمؤمن، ثم ضرب للكافر مثلين: أحدهما: (كسراب بقيعة)، والثاني: (كظلمات في بحر لجي) شبه في الأول ما يعلمه من لا يقدر الإيمان المعتبر بالأعمال التي يحسبها بقيعة، ثم يخيب أمله، بسراب يراه الكافر بالساهرة، وقد غلبه عطش يوم القيامة، فيجيئه فلا يجده ماء، ويجد زبانية الله عنده، فيأخذونه فيلقونه إلى جهنم.
البحث السادس ينتظم قواعد تتعلق بالتشبيه الأولى: قد تشبه أشياء بأشياء، ثم تارة يصرح بذكر المشبهات، كقوله تعالى: