تفسير الرازي - الرازي - ج ٣٢ - الصفحة ٣١
رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعمار الناس، فاستقصر أعمار أمته، وخاف أن لا يبلغوا من الأعمال مثل ما بلغه سائر الأمم، فأعطاه الله ليلة القدر وهي خير من ألف شهر لسائر الأمم ورابعها: روى القاسم بن فضل عن عيسى بن مازن، قال: قلت للحسن بن علي عليه السلام يا مسود وجوه المؤمنين عمدت إلى هذا الرجل فبايعت له يعني معاوية، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى في منامه بني أمية يطؤن منبره واحدا بعد واحد، وفي رواية ينزون على منبره نزو القردة، فشق ذلك عليه فأنزل الله تعالى: * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * إلى قوله: * (خير من ألف شهر) * يعني ملك بني أمية قال القاسم فحسبنا ملك بني أمية، فإذا هو ألف شهر. طعن القاضي في هذه الوجوه فقال: ما ذكر من * (ألف شهر) * في أيام بني أمية بعيد، لأنه تعالى لا يذكر فضلها بذكر ألف شهر مذمومة، وأيام بني أمية كانت مذمومة.
واعلم أن هذا الطعن ضعيف، وذلك لأن أيام بني أمية كانت أياما عظيمة بحسب السعادات الدنيوية، فلا يمتنع أن يقول الله تعالى إني: أعطيتك ليلة هي في السعادات الدينية أفضل من تلك السعادات الدنيوية.
المسألة الثانية: هذه الآية فيها بشارة عظيمة وفيها تهديد عظيم، أما البشارة فهي أنه تعالى ذكر أن هذه الليلة خير، ولم يبين قدر الخيرية، وهذا كقوله عليه السلام لمبارزة علي عليه السلام مع عمرو بن عبد ود (العامري) أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة، فلم يقل مثل عمله بل قال: أفضل كأنه يقول: حسبك هذا من الوزن والباقي جزاف.
واعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله تعالى نيفا وثمانين سنة، ومن أحياها كل سنة فكأنه رزق أعمارا كثيرة، ومن أحيا الشهر لينالها بيقين فكأنه أحيا ثلاثين قدرا، يروى أنه يجاء يوم القيامة بالإسرائيلي الذي عبد الله أربعمائة سنة، ويجاء برجل من هذه الأمة، وقد عبد الله أربعين سنة فيكون ثوابه أكثر، فيقول الإسرائيلي: أنت العدل، وأرى ثوابه أكثر، فيقول: إنكم كنتم تخافون العقوبة المعجلة فتعبدون، وأمة محمد كانوا آمنين لقوله: * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * ثم إنهم كانوا يعبدون، فلهذا السبب كانت عبادتهم أكثر ثوابا، وأما التهديد فهو أنه تعالى توعد صاحب الكبيرة بالدخول في النار، وأن إحياء مائة ليلة من القدر لا يخلصه عن ذلك العذاب المستحق بتطفيف حبة واحدة، فلهذا فيه إشارة إلى تعظيم حال الذنب والمعصية.
المسألة الثالثة: لقائل أن يقول: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أجرك على قدر نصبك " ومن المعلوم أن الطاعة في ألف شهر أضيق من الطاعة في ليلة واحدة، فكيف يعقل استواؤهما؟ والجواب: من وجوه: أحدها: أن الفعل الواحد قد يختلف حاله في الحسن والقبح بسبب اختلاف الوجوه المنضمة إليه، ألا ترى أن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بكذا درجة، مع أن الصورة قد تنتقض فإن المسبوق سقطت عنه ركعة واحدة، وأيضا
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (تفسير سورة ألم نشرح). 2
2 قوله تعالى (ألم نشرح لك صدرك). الكلام على حادثة شق الصدر. لم لم يقل ألم نشرح لك قلبك؟. 3
3 لم لم يقل ألم نشرح صدرك؟ لم لم يقل ألم أشرح؟ قوله تعالى (ووضعنا عنك وزرك) الاحتجاج بالآية على جواز وقوع المعصية من الأنبياء 4
4 قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك 5
5 تفصيل وبيان لوجوه رفع ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى (فإن مع العسر يسرا) 6
6 وجه تعلق الآية بما قبلها معنى اليسر والعسر وجه التنكير في اليسر قوله تعالى (فإذا فرغت فانصب) 7
7 وجه تعلق هذا بما قبله. قوله تعالى (وإلى ربك فارغب) (تفسير سورة التين) 8
8 قوله تعالى (والتين والزيتون) الآيات المراد التين والزيتون المعروفان. بيان مزاياها ليس المراد بهما هاتين الثمرتين؟ 9
9 ما المراد بالطور؟ 10
10 ما المراد بالبلد الأمين؟ 10
11 قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) قوله تعالى (ثم رددناه أسفل سافلين) 11
12 قوله تعالى (إلا الذين آمنوا) الآية قوله تعالى (أليس الله بأحكم الحاكمين) 12
13 (تفسير سورة القلم) 13
14 قوله تعالى (اقرأ باسم ربك) 13
15 المراد (اقرأ القرآن) قوله تعالى (الذي خلق) 13
16 الكلام على لفظ الرب. 14
17 الحكمة في أنه أضاف ذاته إليه. وجوه تفسير الآيات الثلاثة 15
18 احتج الأصحاب على أنه لا خالق غير الله اتفق المتكلمون على أن أول الواجبات معرفة الله. لم قال (من علق) 16
19 قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الأكرم) معنى الكرم. المناسبة بين الخلق والتعليم. المراد من القلم الكتابة مطلقا، أو الكتابة بالقلم. قوله تعالى (علم الإنسان ما لم يعلم). 17
20 قوله تعالى (كلا إن الإنسان ليطغى) 17
21 المراد إنسان واحد هو أبو جهل. 17
22 معاني (كلا) 18
23 ما سبب التأكيد باللام؟ قوله تعالى (أن رآه استغنى) 19
24 وجوه الاستغناء في الآية مدح للعلم وذم للمال. الالتفات في الآية. قوله تعالى (إن إلى ربك الرجعي) 19
25 قوله تعالى (أرأيت الذي ينهى) الآية 20
26 قوله تعالى (أرأيت إن كان على الهدى) الآية 21
27 قوله تعالى (أرأيت إن كذب وتولى) الآية 22
28 قوله تعالى (كلا لئن لم ينته لنسفعا) الآية 23
29 قوله تعالى (فليدع ناديه) الآية 25
30 قوله تعالى (كلا لا تطعه واسجد واقترب) 26
31 (تفسير سورة القدر 27
32 قوله تعالى (إنا أنزلنا في ليلة القدر) قوله تعالى (وما أدراك ما ليلة القدر) 30
33 قوله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر) قوله تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها) 32
34 قوله تعالى (بإذن ربهم) 34
35 قوله تعالى (من كل أمر) 35
36 قوله تعالى (سلام هي حتى مطلع الفجر) 36
37 (تفسير سورة البينة) 38
38 قوله تعالى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) الآية قوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) الآية 43
39 قوله تعالى (إن الذين كفروا من أهل الكتاب) الآية 49
40 قوله تعالى (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية 51
41 قوله تعالى (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن) الآية 52
42 (تفسير سورة الزلزلة) 57
43 قوله تعالى (إذا زلزلت الأرض) قوله تعالى (وأخرجت الأرض أثقالها) 58
44 قوله تعالى (وقال الإنسان مالها) 59
45 قوله تعالى (يومئذ تحدث أخبارها) قوله تعالى (بأن ربك أوحى لها) 60
46 قوله تعالى (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم) قوله تعالى (فمن يعلم مثقال ذرة) الآيات 61
47 (تفسير سورة العاديات) 63
48 قوله تعالى (والعاديات ضبحا) قوله تعالى (فالموريات قدحا) 64
49 قوله تعالى (فالمغيرات صبحا) 65
50 قوله تعالى (فأثرن به نقعا) قوله تعالى (فوسطن به جمعا) 66
51 قوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود) 67
52 قوله تعالى (وإنه على ذلك لشهيد) قوله تعالى (وإنه لحب الخير لشديد) قوله تعالى (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور) 68
53 قوله تعالى (وحصل ما في الصدور) قوله تعالى (إن ربهم بهم يومئذ لخبير) في التي بعدها 69
54 (تفسير سورة القارعة) 70
55 قوله تعالى (القارعة، ما القارعة) قوله تعالى (وما أدراك ما القارعة) قوله تعالى (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) 71
56 قوله تعالى (وتكون الجبال كالعهن المنقوش) قوله تعالى (فأما من ثقلت موازينه) 73
57 قوله تعالى (فهو في عيشه راضية) قوله تعالى (وأما من خفت موازينه) قوله تعالى (فأمه هاوية، وما أدريك ماهية) الآية 74
58 (تفسير سورة التكاثر) 75
59 قوله تعالى (ألهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر) قوله تعالى (كلا سوف تعلمون) الآيات 78
60 قوله تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) 80
61 (تفسير سورة العصر) 84
62 قوله تعالى (والعصر) قوله تعالى (إن الإنسان لفي خسر) 86
63 قوله تعالى (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) 88
64 قوله تعالى (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) 89
65 (تفسير سورة الهمزة) 91
66 قوله تعالى (ويل لكل همزة لمزة) قوله تعالى (الذي جمع مالا وعدده) 92
67 قوله تعالى (يحسب أن ماله أخلده) الآيات 93
68 قوله تعالى (وما أدريك ما الحطمة) الآيات 94
69 قوله تعالى (في عمد ممددة) 95
70 (تفسير سورة الفيل) 96
71 قوله تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) قوله تعالى (ألم يجعل كيدهم في تضليل) 99
72 قوله تعالى (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) قوله تعالى (ترميهم بحجارة من سجيل) 100
73 قوله تعالى (فجعلهم كعصف مأكول) 101
74 (تفسير سورة قريش) 103
75 قوله تعالى (لإيلاف قريش إيلافهم) قوله تعالى (رحلة الشتاء والصيف) 106
76 قوله تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت) 107
77 قوله تعالى (الذي أطعمهم من جوع) 108
78 قوله تعالى (وآمنهم من خوف) 109
79 (تفسير سورة أرأيت) 111
80 قوله تعالى (أرأيت الذي يكذب بالدين) 111
81 قوله تعالى (فذلك الذي يدع اليتيم) 112
82 قوله تعالى (ولا يحض على طعام المسكين) قوله تعالى (فويل للمصلين) 113
83 قوله تعالى (الذين هم عن صلاتهم ساهون) قوله تعالى (الذين هم يراءون) 115
84 قوله تعالى (ويمنعون الماعون) (تفسير سورة الكوثر) 117
85 قوله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) قوله تعالى (فصل لربك والنحر) 128
86 قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر) 132
87 (تفسير سورة الكافرون) 136
88 قوله تعالى (قل يا أيها الكافرون) 136
89 قوله تعالى (لا أعبد ما تعبدون) 144
90 قوله تعالى (ولا أنتم عابدون ما عبدتم) قوله تعالى (ولا أنا عابد ما أعبد) 145
91 قوله تعالى (لكم دينكم ولي دين) (تفسير سورة النصر) 149
92 قوله تعالى (إذا جاء نصر الله) قوله تعالى (والفتح) 153
93 قوله تعالى (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) 155
94 قوله تعالى (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) 158
95 (تفسير سورة أبي لهب) 165
96 مقدمة في السورة قوله تعالى (تبت يدا أبي لهب) 166
97 قوله تعالى (وتب) 167
98 وجه إسكان الهاء من أبي لهب في قراءة ابن كثير. 169
99 قوله تعالى (ما أغنى ماله وما كسب) الفرق بين (ما أغنى عنه ماله وما كسب) 170
100 و (إذا تردى) قوله تعالى (سيصلي نارا ذات لهب) ما في هذه الآيات من الإخبار بالمغيبات. احتجاج أهل السنة بهذه الآيات على وقوع تكليف ما لا يطاق. 171
101 قوله تعالى (وامرأته حمالة الحطب) اسم المرأة أم جميل. بيان الأعمال التي كانت تعملها. 171
102 رجز أم جميل في الرسول عليه الصلاة والسلام. 172
103 كيف جاز أن ترى أم جميل أبا بكر ولا ترى الرسول وهو معه؟ وجه الوصف بأنها حمالة الحطب. 173
104 قوله تعالى (في جيدها حبل من مسد) (سورة الإخلاص) 174
105 قوله تعالى (قل هو الله أحد) فضل الدعاء بالسورة سبب نزولها 175
106 ألقاب السورة وأسماؤها. فضائل قراءة هذه السورة. 176
107 ما في الآية من المسائل. 177
108 بيان أن معرفة الله جنة حاضرة. إعراب الآية. 178
109 ما في (أحد) من الوجوه. وجوه القراءة في قوله تعالى (أحد، الله الصمد) بالوقف والتنوين إلخ. 179
110 بيان ما في الآية من مقامات. تقسيم صفات الله إلى إضافية وسلبية. 180
111 قوله تعالى (الله الصمد) 181
112 معاني الصمد وجه التنكير في (أحد) والتعريف في (الصمد) 182
113 فائدة تكرير لفظة (الله) 183
114 قوله تعالى (لم يلد ولم يولد) نفى كونه تعالى والدا. نفى كونه تعالى مولودا 183
115 المعاني الزائدة على ذلك في الآية إلى ما بعدها 184
116 مقدمة سورة الفلق 186
117 شرح مراتب المخلوقات. 186
118 سبب نزول المعوذتين. 187
119 قوله تعالى (قل أعوذ برب الفلق) ما في قوله (قل) من الفوائد. الاستعانة بالرقى. الاستعاذة. 190
120 التأويل في الفلق. 191
121 قوله تعالى (من شر ما خلق) 193
122 هل المراد إبليس خاصة؟ 193
123 هل المستعاذ منه واقع بقضاء الله تعالى أو غير واقع؟ 194
124 قوله تعالى (ومن شر غاسق إذا وقب) قوله تعالى (ومن شر النفاثات في العقد) 195
125 قوله تعالى (ومن شر حاسد إذا حسد) 196
126 (تفسير سورة الناس) 197
127 قوله تعالى (قل أعوذ برب الناس) الآيات 197
128 قوله تعالى (من شر الوسواس) الآيات 198