أراد بالمكتهل المتناهي في الحسن والكمال.
السؤال الثاني: أن تكلمه حال كونه في المهد من المعجزات، فأما تكلمه حال الكهولة فليس من المعجزات، فما الفائدة في ذكره؟.
والجواب: من وجوه الأول: أن المراد منه بيان كونه متقلبا في الأحوال من الصبا إلى الكهولة والتغير على الإله تعالى محال، والمراد منه الرد على وفد نجران في قولهم: إن عيسى كان إلها والثاني: المراد منه أن يكلم الناس مرة واحدة في المهد لإظهار طهارة أمه، ثم عند الكهولة يتكلم بالوحي والنبوة والثالث: قال أبو مسلم: معناه أنه يكلم حال كونه في المهد، وحال كونه كهلا على حد واحد وصفة واحدة وذلك لا شك أنه غاية في المعجز الرابع: قال الأصم: المراد منه أنه يبلغ حال الكهولة.
السؤال الثالث: نقل أن عمر عيسى عليه السلام إلى أن رفع كان ثلاثا وثلاثين سنة وستة أشهر، وعلى هذا التقدير: فهو ما بلغ الكهولة.
والجواب: من وجهين الأول: بينا أن الكهل في أصل اللغة عبارة عن الكامل التام، وأكمل أحوال الإنسان إذا كان بين الثلاثين والأربعين، فصح وصفه بكونه كهلا في هذا الوقت والثاني: هو قول الحسين بن الفضل البجلي: أن المراد بقوله * (وكهلا) * أن يكون كهلا بعد أن ينزل من السماء في آخر الزمان، ويكلم الناس، ويقتل الدجال، قال الحسين بن الفضل: وفي هذه الآية نص في أنه عليه الصلاة والسلام سينزل إلى الأرض.
المسألة الرابعة: أنكرت النصارى كلام المسيح عليه السلام في المهد، واحتجوا على صحة قولهم بأن كلامه في المهد من أعجب الأمور وأغربها، ولا شك أن هذه الواقعة لو وقعت لوجب أن يكون وقوعها في حضور الجمع العظيم الذي يحصل القطع واليقين بقولهم، لأن تخصيص مثل هذا المعجز بالواحد والاثنين لا يجوز، ومتى حدثت الواقعة العجيبة جدا عند حضور الجمع العظيم فلا بد وأن تتوفر الدواعي على النقل فيصير ذلك بالغا حد التواتر، وإخفاء ما يكون بالغا إلى حد التواتر ممتنع، وأيضا فلو كان ذلك لكان ذلك الإخفاء ههنا ممتنعا لأن النصارى بالغوا في إفراط محبته إلى حيث قالوا إنه كان إلها، ومن كان كذلك يمتنع أن يسعى في إخفاء مناقبه وفضائله بل ربما يجعل الواحد ألفا فثبت أن لو كانت هذه الواقعة موجودة لكان أولى الناس بمعرفتها النصارى، ولما أطبقوا على إنكارها علمنا أنه ما كان موجودا البتة.
أجاب المتكلمون عن هذه الشبهة، وقالوا: إن كلام عيسى عليه السلام في المهد إنما كان للدلالة