تفسير الرازي - الرازي - ج ٨ - الصفحة ٥٠
اعلم أنه تعالى لما شرح حال مريم عليها السلام، في أول أمرها وفي آخر أمرها وشرح كيفية ولادتها لعيسى عليه السلام، فقال: * (إذ قالت الملائكة) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: اختلفوا في العامل في * (إذ) * قيل: العامل فيه. وما كنت لديهم إذ قالت الملائكة، وقيل: يختصمون إذ قالت الملائكة، وقيل: إنه معطوف على * (إذ) * الأولى في قوله * (إذ قالت امرأة عمران) * وقيل التقدير: إن ما وصفته من أمور زكريا، وهبة الله له يحيى كان إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك، وأما أبو عبيدة: فإنه يجري في هذا الباب على مذهب له معروف، وهو أن * (إذ) * صلة في الكلام وزيادة، واعلم أن القولين الأولين فيهما بعض الضعف وذلك لأن مريم حال ما كانوا يلقون الأقلام وحال ما كانوا يختصمون ما بلغت الجد الذي تبشر فيه بعيسى عليه السلام، إلا قول الحسن: فإنه يقول إنها كانت عاقلة في حال الصغر، فإن ذلك كان من كراماتها، فإن صح ذلك جاز في تلك الحال أن يرد عليها البشرى من الملائكة، وإلا فلا بد من تأخر هذه البشرى إلى حين العقل، ومنهم من تكلف الجواب، فقال: يحتمل أن يقال الاختصام والبشرى وقعا في زمان واسع، كما تقول لقيته في سنة كذا، وهذا الجواب بعيد والأصوب هو الوجه الثالث، والرابع، أما قول أبي عبيدة: فقد عرفت ضعفه، والله أعلم.
المسألة الثانية: ظاهر قوله * (إذ قالت الملائكة) * يفيد الجمع إلا أن المشهور أن ذلك المنادي كان جبريل عليه السلام، وقد قررناه فيما تقدم، وأما البشارة فقد ذكرنا تفسيرها في سورة البقرة في قوله * (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * (البقرة: 25).
وأما قوله تعالى: * (بكلمة منه) * فقد ذكرنا تفسير الكلمة من وجوه وأليقها بهذا الموضع وجهان الأول: أن كل علوق وإن كان مخلوقا بواسطة الكلمة وهي قوله * (كن) * إلا أن ما هو السبب المتعارف كان مفقودا في حق عيسى عليه السلام وهو الأب، فلا جرم كان إضافة حدوثه إلى الكلمة أكل وأتم فجعل بهذا التأويل كأنه نفس الكلمة كما أن من غلب عليه الجود والكرم والإقبال يقال فيه على سبيل المبالغة إنه نفس الجود، ومحض الكرم، وصريح الإقبال، فكذا ههنا.
والوجه الثاني: أن السلطان العادل قد يوصف بأنه ظل الله في أرضه، وبأنه نور الله لما أنه سبب لظهور ظل العدل، ونور الإحسان، فكذلك كان عيسى عليه السلام سببا لظهور كلام الله عز وجل بسبب كثرة بياناته وإزالة الشبهات والتحريفات عنه فلا يبعد أن يسمى بكلمة الله تعالى على هذا التأويل.
فإن قيل: ولم قلتم إن حدوث الشخص من غير نطفة الأب ممكن قلنا: أما على أصول المسلمين
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (قل اللهم مالك الملك) 2
2 قوله تعالى (وتعز من تشاء وتذل من تشاء) 7
3 قوله تعالى (بيدك الخير إنك على كل شئ قدير) 9
4 قوله تعالى (وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي) 10
5 قوله تعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين) 11
6 قوله تعالى (ألا أن تتقوا منهم تقاة) 13
7 قوله تعالى (ويحذركم الله نفسه) 14
8 قوله تعالى (قل ان تخفوا ما في صدوركم) 15
9 قوله تعالى (يوم تجد كل نفس ما عملت) 16
10 قوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله) 18
11 قوله تعالى (قل أطيعوا الله والرسول) 20
12 قوله تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحا) 21
13 قوله تعالى (ذرية بعضها من بعض) 24
14 قوله تعالى (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني) 25
15 قوله تعالى (فتقبلها ربها بقبول حسن) 29
16 قوله تعالى (وأنبتها نباتا حسنا) 30
17 قوله تعالى (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) 31
18 قوله تعالى (قال يا مريم أني لك هذا) 33
19 قوله تعالى (هنا لك دعا زكريا ربه) 34
20 قوله تعالى (فنادته الملائكة وهو قائم) 36
21 قوله تعالى (إن الله يبشرك بيحيى) 37
22 قوله تعالى (قال رب أني يكون لي غلام) 40
23 قوله تعالى (قال رب اجعل لي آية) 42
24 قوله تعالى (واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار) 44
25 قوله تعالى (وإذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك) 45
26 قوله تعالى (يا مريم اقنتى لربك) الآية 46
27 قوله تعالى (ذلك من أنباء الغيب نوحيه) 47
28 قوله تعالى (إذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه) 49
29 قوله تعالى (اسمه المسيح عيسى بن مريم) 52
30 قوله تعالى (وجيها في الدنيا والآخرة) 53
31 قوله تعالى (ويلكم الناس في المهد وكهلا) 54
32 قوله تعالى (قالت رب أنى يكون لي غلام) 56
33 قوله تعالى (ورسولا إلى بني إسرائيل) 57
34 قوله تعالى (أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير) 58
35 قوله تعالى (وأبرئ الأكمه والأبرص) 60
36 قوله تعالى (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) 61
37 قوله تعالى (ومصدقا لما بين يدي من التوراة) 62
38 قوله تعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله) 63
39 قوله تعالى (إذ قال الله يا عسى انى متوفيك 71
40 قوله تعالى (ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) 74
41 قوله تعالى (فأما الذين كفروا فأعذبهم) 76
42 قوله تعالى (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم) 77
43 قوله تعالى (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) 78
44 قوله تعالى (إن مثل عيسى عند الله) 79
45 قوله تعالى (الحق من ربك) 81
46 قوله تعالى (فمن حاجك فيه) 82
47 قوله تعالى (إن هذا لهو القصص الحق) 89
48 قوله تعالى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) 90
49 قوله تعالى (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم) 93
50 قوله تعالى (ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم) 94
51 قوله تعالى (إن أولى الناس بإبراهيم) 95
52 قوله تعالى (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم) 96
53 قوله تعالى (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله) 97
54 قوله تعالى (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل) 98
55 قوله تعالى (وقالت طائفة من أهل الكتاب) 99
56 قوله تعالى (ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم) 101
57 قوله تعالى (يختص برحمته من يشاء) 105
58 قوله تعالى (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار) 106
59 قوله تعالى (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) 108
60 قوله تعالى (بلى من أوفى بعهده وأتقى) 109
61 قوله تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) 110
62 قوله تعالى (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب) 113
63 قوله تعالى (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة) 116
64 قوله تعالى (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا) 120
65 قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) 121
66 قوله تعالى (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) 125
67 قوله تعالى (قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري) 128
68 قوله تعالى (أفغير دين الله يبغون) 129
69 قوله تعالى (وله أسلم من في السماوات 130
70 قوله تعالى (قل آمنا بالله وما أنزل علينا) 131
71 قوله تعالى (لا نفرق بين أحد منهم) 133
72 قوله تعالى (ومن يبتغ غير الاسلام دينا) 134
73 قوله تعالى (كيف يهدى الله قوما كفروا) 135
74 قوله تعالى (أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله) 137
75 قوله تعالى (إن الذين كفروا بعد إيمانهم) 138
76 قوله تعالى (وأولئك هم الضالون) 139
77 قوله تعالى (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار) 140
78 قوله تعالى (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) 142
79 قوله تعالى (وما تنفقوا من شئ) 144
80 قوله تعالى (كل الطعام كان حلا) 145
81 قوله تعالى (إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) 148
82 قوله تعالى (إن أول بيت وضع للناس) 151
83 قوله تعالى (مقام إبراهيم) 159
84 قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت) 162
85 قوله تعالى (ومن كفر فان الله غنى عن العالمين 164
86 قوله تعالى (قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله) 166
87 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين آتوا الكتاب) 169
88 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) 171
89 قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا) 173
90 قوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) 176
91 قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين تفرقوا) 179
92 قوله تعالى (يوم تبيض وجوه) 180
93 قوله تعالى (وأما الذين ابيضت وجوههم) 184
94 قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) 188
95 قوله تعالى (ضربت عليهم الذلة) 195
96 قوله تعالى (ليسوا سواء من أهل الكتاب) 198
97 قوله تعالى (يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف) 202
98 قوله تعالى (وما يفعلوا من خير) 203
99 قوله تعالى (إن الذين كفروا لن تغنى عنهم) 205
100 قوله تعالى (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر) 206
101 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) 209
102 قوله تعالى (ها أنتم أولاء تحبونهم) 213
103 قوله تعالى (إن تمسسكم حسنة تسؤهم) 215
104 قوله تعالى (وإذ غدوت من أهلك) 217
105 قوله تعالى (إذ همت طائفتان منكم) 220
106 قوله تعالى (ولقد نصركم الله ببدر) 221
107 قوله تعالى (إذ تقول للمؤمنين) 223
108 قوله تعالى (بل إن تصبروا وتتقوا) 228
109 قوله تعالى (وما جعله الله إلا بشرى لكم) 229
110 قوله تعالى (ليس لك من الامر شئ) 231
111 قوله تعالى (ولله ما في السماوات وما في الأرض) 234