فجائز في كلام العرب أن يقال: لم يرعها القوم على العموم. والمراد منهم البعض الحاضر، وقد مضى نظير ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب.
وقوله: فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم يقول تعالى ذكره: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسله من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على ابتغائهم رضوان الله، وإيمانهم به وبرسوله في الآخرة، وكثير منهم أهل معاص، وخروج عن طاعته، والايمان به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26085 - [رق حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم قال: الذين رعوا ذلك الحق. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم) *.
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله من أهل الكتابين التوراة والإنجيل، خافوا الله بأداء طاعته، واجتناب معاصيه، وآمنوا برسوله محمد (ص). كما:
26086 - [رق حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يعني الذين آمنوا من أهل الكتاب.
26087 - [رق حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يعني: الذين آمنوا من أهل الكتاب.
وقوله: يؤتكم كفلين من رحمته يعطكم ضعفين من الاجر لايمانكم بعيسى (ص)، والأنبياء قبل محمد (ص)، ثم إيمانكم بمحمد (ص) حين بعث نبيا. وأصل الكفل: الحظ، وأصله: ما يكتفل به الراكب، فيحبسه ويحفظه عن السقوط يقول: يحصنكم هذا الكفل من العذاب، كما يحصن الكفل الراكب من السقوط. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26088 - [رق حدثنا أبو عمار المروزي، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن سفيان، عن