* (فتول عنهم يوم يدعو الداع إلى شئ نكر * خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر * مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: فتول عنهم: فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين من قومك، الذين إن يروا آية يعرضوا ويقولوا: سحر مستمر، فإنهم يوم يدعو داعي الله إلى موقف القيامة، وذلك هو الشئ النكر خشعا أبصارهم يقول: ذليلة أبصارهم خاشعة، لا ضرر بها يخرجون من الأجداث وهي جمع جدث، وهي القبور، وإنما وصف جل ثناؤه بالخشوع الابصار دون سائر أجسامهم، والمراد به جميع أجسامهم، لان أثر ذلة كل ذليل، وعزة كل عزيز، تتبين في ناظريه دون سائر جسده، فلذلك خص الابصار بوصفها بالخشوع. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: خشعا أبصارهم قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25325 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: خاشعا أبصارهم: أي ذليلة أبصارهم.
واختلفت القراء في قراءة قوله: خاشعا أبصارهم فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض المكيين الكوفيين خشعا بضم الخاء وتشديد الشين، بمعنى خاشع وقرأه عامة قراء الكوفة وبعض البصريين خاشعا أبصارهم بالألف على التوحيد اعتبارا بقراءة عبد الله، وذلك أن ذلك في قراءة عبد الله خاشعة أبصارهم، وألحقوه وهو بلفظ الاسم في التوحيد، إذ كان صفة بحكم فعل ويفعل في التوحيد إذا تقدم الأسماء، كما قال الشاعر:
وشباب حسن أوجههم * من إياد بن نزار بن معد فوحد حسنا وهو صفة للأوجه، وهي جمع وكما قال الآخر: