وقوله: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما يقول: لا يسمعون فيها باطلا من القول ولا تأثيما، يقول: ليس فيها ما يؤثمهم.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما والتأثيم لا يسمع، وإنما يسمع اللغو، كما قيل: أكلت خبزا ولبنا، واللبن لا يؤكل، فجازت إذ كان معه شئ يؤكل.
وقوله: إلا قيلا سلاما سلاما يقول: لا يسمعون فيها من القول إلا قيلا سلاما: أي أسلم مما تكره. وفي نصب قوله: سلاما سلاما وجهان: إن شئت جعلته تابعا للقيل، ويكون السلام حينئذ هو القيل، فكأنه قيل: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما، إلا سلاما سلاما، ولكنهم يسمعون سلاما سلاما. والثاني: أن يكون نصبه بوقوع القيل عليه، فيكون معناه حينئذ: إلا قيل سلام فإن نون نصب قوله: سلاما سلاما بوقوع قيل عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين * في سدر مخضود * وطلح منضود * وظل ممدود * وماء مسكوب) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) وأصحاب اليمين وهم الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين، الذي أعطوا كتبهم بأيمانهم يا محمد ما أصحاب اليمين أي شئ هم وما لهم، وماذا أعد لهم من الخير، وقيل: إنهم أطفال المؤمنين. ذكر من قال ذلك:
25812 - حدثنا محمد بن معمر، قال: ثنا أبو هشام المخزومي، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا عثمان بن قيس، أنه سمع زاذان أبا عمرو يقول:
سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين قال: أصحاب اليمين: أطفال المؤمنين.
25813 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين: أي ماذا لهم، وماذا أعد لهم، ثم ابتدأ الخبر عما ذا أعد لهم في الجنة، وكيف يكون حالهم إذا هم دخلوها؟ فقال: هم في سدر مخضود يعني: في ثمر سدر موقر حملا قد ذهب شوكه.