يقول تعالى ذكره: إنا باعثو الناقة التي سألتها ثمود صالحا من الهضبة التي سألوه بعثتها منها آية لهم، وحجة لصالح على حقيقة نبوته وصدق قوله. وقوله:
فتنة لهم يقول: ابتلاء لهم واختبارا، هل يؤمنون بالله ويتبعون صالحا ويصدقونه بما دعاهم إليه من توحيد الله إذا أرسل الناقة، أم يكذبونه ويكفرون بالله؟
وقوله: فارتقبهم يقول تعالى ذكره لصالح: إنا مرسلو الناقة فتنة لهم، فانتظرهم، وتبصر ما هم صانعوه بها واصطبر وأصل الطاء تاء، فجعلت طاء، وإنما هو افتعل من ا لصبر.
وقوله: ونبئهم أن الماء قسمة بينهم يقول تعالى ذكره: نبئهم: أخبرهم أن الماء قسمة بينهم، يوم غب الناقة، وذلك أنها كانت ترد الماء يوما، وتغب يوما، فقال جل ثناؤه لصالح: أخبر قومك من ثمود أن الماء يوم غب الناقة قسمة بينهم، فكانوا يقتسمون ذلك يوم غبها، فيشربون منه ذلك اليوم، ويتزودون فيه منه ليوم ورودها.
وقد وجه تأويل ذلك قوم إلى أن الماء قسمة بينهم وبين الناقة يوما لهم ويوما لها، وأنه إنما قيل بينهم، والمعنى: ما ذكرت عندهم، لان العرب إذا أرادت الخبر عن فعل جماعة بني آدم مختلطا بهم البهائم، جعلوا الفعل خارجا مخرج فعل جماعة بني آدم، لتغليبهم فعل بني آدم على فعل البهائم.
وقوله: كل شرب محتضر يقول تعالى ذكره: كل شرب من ماء يوم غب الناقة، ومن لبن يوم ورودها محتضر يحتضرونه. كما:
25376 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: كل شرب محتضر قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت، وإذا جاءت حضروا اللبن.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: كل شرب محتضر قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت، وإذا جاءت حضروا اللبن. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر) *.