وقد أخذ ميثاقكم بفتح الألف من أخذ ونصب الميثاق، بمعنى: وقد أخذ ربكم ميثاقكم. وقرأ ذلك أبو عمرو: وقد أخذ ميثاقكم بضم الألف ورفع الميثاق، على وجه ما لم يسم فاعله.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كان فتح الألف من أخذ ونصب الميثاق أعجب القراءتين إلي في ذلك لكثرة القراءة بذلك، وقلة القراء بالقراءة الأخرى.
وقوله: إن كنتم مؤمنين يقول: إن كنتم تريدون أن تؤمنوا بالله يوما من الأيام، فالآن أحرى الأوقات، أن تؤمنوا لتتابع الحجج عليكم بالرسول وإعلامه، ودعائه إياكم إلى ما قد تقررت صحته عندكم بالأعلام والأدلة والميثاق المأخوذ عليكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم) *.
يقول تعالى ذكره: الله الذي ينزل على عبده محمد آيات بينات يعني مفصلات ليخرجكم من الظلمات إلى النور يقول جل ثناؤه: ليخرجكم أيها الناس من ظلمة الكفر إلى نور الايمان، ومن الضلالة إلى الهدى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26013 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
من الظلمات إلى النور قال: من الضلالة إلى الهدى.
وقوله: وإن الله بكم لرءوف رحيم يقول تعالى ذكره: وإن الله بإنزاله على عبده ما أنزل عليه من الآيات البينات لهدايتكم، وتبصيركم الرشاد، لذو رأفة بكم ورحمة، فمن رأفته ورحمته بكم فعل ذلك. القول في تأويل قوله تعالى: