القراءتين إلينا، لأنه أفصح اللغتين وأشهرهما، وإن كانت الأخرى جائزة، وذلك أن العرب تقول: صعق الرجل وصعق، وسعد وسعد. وقد بينا معنى الصعق بشواهده، وما قال فيه أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون * وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا يوم القيامة، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون، ثم بين عن ذلك اليوم أي يوم هو، فقال: يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا، يعني: مكرهم أنه لا يدفع عنهم عن عذاب الله شيئا، فاليوم الثاني ترجمة عن الأول.
وقوله: ولا هم ينصرون يقول: ولا هم ينصرهم ناصر، فيستقيد لهم ممن عذبهم وعاقبهم.
وقوله: وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك اختلف أهل التأويل في العذاب الذي توعد الله به هؤلاء الظلمة من دون يوم الصعقة، فقال بعضهم: هو عذاب القبر. ذكر من قال ذلك:
25074 - حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قال: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق، عن البراء عذابا دون ذلك قال: عذاب القبر.
25075 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك يقول: عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أن ابن عباس كان يقول:
إنكم لتجدون عذاب القبر في كتاب الله وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، أن ابن عباس كان يقول: إن عذاب القبر في القرآن. ثم تلا وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك.
وقال آخرون: عنى بذلك الجوع. ذكر من قال ذلك: