وقوله: فلولا إذا بلغت الحلقوم يقول تعالى ذكره: فهلا إذا بلغت النفوس عند خروجها من أجسادكم أيها الناس حلاقيمكم وأنتم حينئذ تنظرون يقول ومن حضرهم منكم من أهليهم حينئذ إليهم ينظر، وخرج الخطاب ها هنا عاما للجميع، والمراد به: من حضر الميت من أهله وغيرهم وذلك معروف من كلام العرب وهو أن يخاطب الجماعة بالفعل، كأنهم أهله وأصحابه، والمراد به بعضهم غائبا كان أو شاهدا، فيقول: قتلتم فلانا، والقاتل منهم واحد، إما غائب، وإما شاهد. وقد بينا نظائر ذلك في مواضع كثيرة من كتابنا هذا.
يقول: ونحن أقرب إليه منكم يقول: ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم، ولكن لا تبصرون.
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: قيل فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون كأنه قد سمع منهم، والله أعلم: إنا نقدر على أن لا نموت، فقال: فلولا إذا بلغت الحلقوم، ثم قال فلولا إن كنتم غير مدينين أي غير مجزيين ترجعون تلك النفوس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك إن كنتم صادقين بأنكم تمتنعون من الموت.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين * فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنات نعيم) *.
يقول تعالى ذكره: فهلا إن كنتم أيها الناس غير مدينين.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: مدينين فقال بعضهم: غير محاسبين. ذكر من قال ذلك:
25985 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: فلولا إن كنتم غير مدينين يقول: غير محاسبين.
25986 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: غير مدينين قال: محاسبين.