* (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) *.
وهذا وعيد من الله تعالى ذكره، وتهديد للمشركين من أهل مكة وسائر من أرسل إليه رسوله محمدا (ص) على تكذيبهم إياه، وتقدم منه إليهم إن هم لم ينيبوا من تكذيبهم إياه، أنه محل بهم ما أحل بالأمم الذين قص قصصهم في هذه السورة من الهلاك والعذاب، ومنج نبيه محمدا والمؤمنين به، كما نجى من قبله الرسل وأتباعهم من نقمه التي أحلها بأممهم، فقال جل ثناؤه لنبيه محمد (ص): كذبت يا محمد قبل هؤلاء الذين كذبوك من قومك، الذين إذا رأوا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمر، قوم نوح، فكذبوا عبدنا نوحا إذ أرسلناه إليهم، كما كذبتك قريش إذ أتيتهم بالحق من عندنا وقالوا: هو مجنون وازدجر، وهو افتعل من زجرت، وكذا تفعل العرب بالحرف إذا كان أوله زايا صيروا تاء الافتعال منه دالا من ذلك قولهم: ازدجر من زجرت، وازدلف من زلفت، وازديد من زدت.
واختلف أهل التأويل في المعني الذي زجروه، فقال بعضهم: كان زجرهم إياه أن قالوا: استطير جنونا. ذكر من قال ذلك:
25331 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد وقالوا مجنون وازدجر قال: استطير جنونا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
وازدجر قال: استطير جنونا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية وقالوا مجنون وازدجر قال: استعر جنونا.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا زيد بن الحباب، قال:
وأخبرني شعبة بن الحجاج، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.
وقال آخرون: بل كان زجرهم إياه، وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح. ذكر من قال ذلك: