قوله: ما كذب الفؤاد ما رأى قال: رأى جبريل في صورته التي هي صورته، قال: وهو الذي رآه نزلة أخرى.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ما كذب الفؤاد ما رأى فقرأ ذلك عامة قراء المدينة ومكة والكوفة والبصرة كذب بالتخفيف، غير عاصم الجحدري وأبي جعفر القارئ والحسن البصري فإنهم قرأوه كذب بالتشديد، بمعنى: أن الفؤاد لم يكذب الذي رأى، ولكنه جعله حقا وصدقا، وقد يحتمل أن يكون معناه إذا قرئ كذلك: ما كذب صاحب الفؤاد ما رأى. وقد بينا معنى من قرأ ذلك بالتخفيف.
والذي هو أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بالتخفيف لاجماع الحجة من القراء عليه، والأخرى غير مدفوعة صحتها لصحة معناها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى) *.
اختلفت القراء في قراءة أفتمارونه، فقرأ ذلك عبد الله بن مسعود وعامة أصحابه أفتمرونه بفتح التاء بغير ألف، وهي قراءة عامة أهل الكوفة، ووجهوا تأويله إلى أفتجحدونه.
25136 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أنه كان يقرأ: أفتمرونه بفتح التاء بغير ألف، يقول: أفتجحدونه ومن قرأ أفتمارونه قال: أفتجادلونه. وقرأ ذلك عامة قراء المدينة ومكة والبصرة وبعض الكوفيين أفتمارونه بضم التاء والألف، بمعنى: أفتجادلونه.
والصواب من القول في ذلك: أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، وذلك أن المشركين قد جحدوا أن يكون رسول الله (ص) رأى ما أراه الله ليلة أسري به وجادلوا في ذلك، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: أفتجادلون أيها المشركون محمدا على ما يرى مما أراه الله من آياته.
وقوله: ولقد رآه نزلة أخرى يقول: لقد رآه مرة أخرى. واختلف أهل التأويل في الذي رأى محمد نزلة أخرى نحو اختلافهم في قوله: ما كذب الفؤاد ما رأى. ذكر بعض ما روي في ذلك من الاختلاف. ذكر من قال فيه رأى جبريل عليه السلام: