التبرئة. والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كان الرفع والتنوين أعجب القراءتين إلي لكثرة القراءة بها، وأنها أصح المعنيين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون * وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) *.
يقول تعالى ذكره: ويطوف على هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في الجنة غلمان لهم، كأنهم لؤلؤ في بياضه وصفائه مكنون، يعني: مصون في كن، فهو أنقى له، وأصفى لبياضه. وإنما عنى بذلك أن هؤلاء الغلمان يطوفون على هؤلاء المؤمنين في الجنة بكؤوس الشراب التي وصف جل ثناؤه صفتها. وقد:
25054 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون ذكر لنا أن رجلا قال: يا نبي الله هذا الخادم، فكيف المخدوم؟ قال: والذي نفس محمد بيده، إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.
وحدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:
كأنهم لؤلؤ مكنون قال: بلغني أنه قيل: يا رسول الله هذا الخادم مثل اللؤلؤ، فكيف المخدوم؟ قال: والذي نفسي بيده إن فضل ما بينهما كفضل القمر ليلة البدر على النجوم.
وقوله: وأقبل بعضهم على بعض... الآية، يقول تعالى ذكره: وأقبل بعض هؤلاء المؤمنين في الجنة على بعض، يسأل بعضهم بعضا. وقد قيل: إن ذلك يكون منهم عند البعث من قبورهم. ذكر من قال ذلك:
25055 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال: إذا بعثوا في النفخة الثانية.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم) *.