منهم إلا قليل، وكثر أهل الشرك وذهب الرسل وقهروا، اعتزلوا في الغيران، فلم يزل بهم ذلك حتى كفرت طائفة منهم، وتركوا أمر الله عز وجل ودينه، وأخذوا بالبدعة وبالنصرانية وباليهودية، فلم يرعوها حق رعايتها وثبتت طائفة على دين عيسى ابن مريم صلوات الله عليه، حين جاءهم بالبينات وبعث الله عز وجل محمدا رسولا (ص) وهم كذلك فذلك قوله:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته. إلى والله غفور رحيم.
26083 - [رق حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم كان الله عز وجل كتب عليهم القتال قبل أن يبعث محمد (ص) فلما استخرج أهل الايمان، ولم يبق منهم إلا القليل، وكثر أهل الشرك، وانقطعت الرسل، اعتزلوا الناس، فصاروا في الغيران، فلم يزالوا كذلك حتى غيرت طائفة منهم، فتركوا دين الله وأمره وعهده الذي عهده إليهم، وأخذوا بالبدع، فابتدعوا النصرانية واليهودية، فقال الله عز وجل لهم: ما رعوها حق رعايتها وثبتت طائفة منهم على دين عيسى صلوات الله عليه، حتى بعث الله محمدا (ص)، فآمنوا به.
26084 - [رق حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا زكريا بن أبي مريم، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: إن الله كتب عليكم صيام رمضان، ولم يكتب عليكم قيامه، وإنما القيام شئ ابتدعتموه، وإن قوما ابتدعوا بدعة لم يكتبها الله عليهم، ابتغوا بها رضوان الله، فلم يرعوها حق رعايتها، فعابهم الله بتركها، فقال: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: إن الذين وصفهم الله بأنهم لم يرعوا الرهبانية حق رعايتها، بعض الطوائف التي ابتدعتها، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر أنه آتي الذين آمنوا منهم أجرهم قال: فدل بذلك على أن منهم من قد رعاها حق رعايتها، فلو لم يكن منهم من كان كذلك لم يكن مستحق الاجر الذي قال جل ثناؤه: فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم إلا أن الذين لم يرعوها حق رعايتها ممكن أن يكونوا كانوا على عهد الذين ابتدعوها، وممكن أن يكونوا كانوا بعدهم، لان الذين هم من أبنائهم إذا لم يكونوا رعوها،