وقد بين ذلك جل ثناؤه لمن عقل عنه بقوله: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها فأخبر أن الفائت منها بإفاتته إياهم فاتهم، والمدرك منها بإعطائه إياهم أدركوا، وأن ذلك محفوظ لهم في كتاب من قبل أن يخلقهم.
وقوله: والله لا يحب كل مختال فخور يقول: والله لا يحب كل متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد) *.
يقول تعالى ذكره: والله لا يحب كل مختال فخور، الباخلين بما أوتوا في الدنيا على اختيالهم به وفخرهم بذلك على الناس، فهم يبخلون باخراج حق الله الذي أوجبه عليهم فيه، ويشحون به، وهم مع بخلهم به أيضا يأمرون الناس بالبخل.
وقوله: ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضا عن عظة الله فإن الله هو الغني الحميد يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضا عن عظة الله، تاركا العمل بما دعاه إليه من الانفاق في سبيله، فرحا بما أوتي من الدنيا مختالا به فخورا بخيلا، فإن الله هو الغني عن ماله ونفقته، وعن غيره من سائر خلقه، الحميد إلى خلقه بما أنعم به عليهم من نعمه.
واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل فقال بعضهم: استغنى بالاخبار التي لأشباههم، ولهم في القرآن، كما قال: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى، ولم يكن في ذا الموضع خبر والله أعلم بما ينزل، هو كما أنزل، أو كما أراد أن كون. وقال غيره من أهل العربية: الخبر قد جاء في الآية التي قبل هذه الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد عطف بجزاءين على جزاء، وجعل جوابهما واحدا، كما تقول: إن تقم وإن تحسن آتك، لا أنه حذف الخبر.
واختلفت القراء في قراءة قوله: فإن الله هو الغني الحميد فقرأ ذلك عامة قراء