وهذا الذي قاله قتادة في ذلك عندي، من معنى سلخ النهار من الليل، بعيد وذلك أن إيلاج الليل في النهار، إنما هو زيادة ما نقص من ساعات هذا في ساعات الآخر، وليس السلخ من ذلك في شئ، لان النهار يسلخ من الليل كله، وكذلك الليل من النهار كله، وليس يولج كل الليل في كل النهار، ولا كل النهار في كل الليل.
وقوله: والشمس تجري لمستقر لها يقول تعالى ذكره: والشمس تجري لموضع قرارها، بمعنى: إلى موضع قرارها وبذلك جاء الأثر عن رسول الله (ص). ذكر الرواية بذلك:
22288 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر الغفاري، قال: كنت جالسا عند النبي (ص) في المسجد، فلما غربت الشمس، قال: يا أبا ذر هل تدري أين تذهب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب فتسجد بين يدي ربها، ثم تستأذن بالرجوع فيؤذن لها، وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مكانها، وذلك مستقرها.
وقال بعضهم في ذلك بما:
22289 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: والشمس تجري لمستقر لها قال: وقت واحد لا تعدوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: تجري لمجرى لها إلى مقادير مواضعها، بمعنى: أنها تجري إلى أبعد منازلها في الغروب، ثم ترجع ولا تجاوزه. قالوا: وذلك أنها لا تزال تتقدم كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع.
وقوله: ذلك تقدير العزيز العليم يقول: هذا الذي وصفنا من جري الشمس لمستقر لها، تقدير العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم بمصالح خلقه، وغير ذلك من الأشياء كلها، لا يخفى عليه خافية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) *.