يقول تعالى ذكره: أهذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين الذين وصفت صفتهم من كرامتي في الجنة، ورزقتهم فيها من النعيم خير، أو ما أعددت لأهل النار من الزقوم. وعني بالنزل: الفضل، وفيه لغتان: نزل ونزل يقال للطعام الذي له ريع: هو طعام له نزل ونزل.
وقوله: أم شجرة الزقوم ذكر أن الله تعالى لما أنزل هذه الآية قال المشركون: كيف ينبت الشجر في النار، والنار تحرق الشجر؟ فقال الله: إنا جعلناها فتنة للظالمين يعني لهؤلاء المشركين الذين قالوا في ذلك ما قالوا، ثم أخبرهم بصفة هذه الشجرة فقال إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22536 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم حتى بلغ في أصل الجحيم قال: لما ذكر شجرة الزقوم افتتن الظلمة، فقالوا: ينبئكم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، فأنزل الله ما تسمعون: إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم، غذيت بالنار ومنها خلقت.
22537 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: قال أبو جهل: لما نزلت إن شجرة الزقوم قال: تعرفونها في كلام العرب: أنا آتيكم بها، فدعا جارية فقال: ائتيني بتمر وزبد، فقال: دونكم تزقموا، فهذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد، فأنزل الله تفسيرها: أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين قال: لأبي جهل وأصحابه.
22538 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
إنا جعلناها فتنة للظالمين قال: قول أبي جهل: إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه.
وقوله: طلعها كأنه رؤوس الشياطين يقول تعالى ذكره: كأن طلع هذه الشجرة، يعني شجرة الزقوم في قبحه وسماجته رؤوس الشياطين في قبحها.
وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: إنها شجرة نابتة في أصل الجحيم، كما:
22539 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: طلعها كأنه رؤوس الشياطين قال: شبهه بذلك.
فإن قال قائل: وما وجه تشبيهه طلع هذه الشجرة برؤوس الشياطين في القبح، ولا علم عندنا بمبلغ قبح رؤوس الشياطين، وإنما يمثل الشئ بالشئ تعريفا من الممثل الممثل