فمي، وعضضت على لساني، وألصقت بالتراب خدي، ودست وجهي لصغاري، وسكت كما أسكتتني خطيئتي، فاغفر لي ما قلت فلن أعود لشئ تكرهه مني قال الله تبارك وتعالى: يا أيوب نفذ فيك علمي، وبحلمي صرفت عنك غضبي، إذ خطئت فقد غفرت لك، ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم، فاغتسل بهذا الماء، فإن فيه شفاءك، وقرب عن صحابتك قربانا، واستغفر لهم، فإنهم قد عصوني فيك حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني، وغيره من أهل الكتب الأول: أنه كان من حديث أيوب أنه كان رجلا من الروم، وكان الله قد اصطفاه ونبأه، وابتلاه في الغنى بكثرة الولد والمال، وبسط عليه من الدنيا فوسع عليه في الرزق. وكانت له البثنية من أرض الشأم، أعلاها وأسفلها وسهلها وجبلها. وكان له فيها من أصناف المال كله، من الإبل والبقر والغنم والخيل والحمير ما لا يكون للرجل أفضل منه في العدة والكثرة. وكان الله قد أعطاه أهلا وولدا من رجال ونساء. وكان برا تقيا رحيما بالمساكين، يطعم المساكين ويحمل الأرامل ويكفل الأيتام ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل. وكان شاكرا لأنعم الله عليه مؤديا لحق الله في الغنى قد امتنع من عدو الله إبليس أن يصيب منه ما أصاب من أهل الغنى من العزة والغفلة والسهو والتشاغل عن أمر الله بما هو فيه من الدنيا. وكان معه ثلاثة قد آمنوا به وصدقوه وعرفوا فضل ما أعطاه الله على من سواه، منهم رجل من أهل اليمن يقال له: أليفر، ورجلان من أهل بلاده يقال لأحدهما: صوفر، وللآخر: يلدد، وكانوا من بلاده كهولا.
وكان لإبليس عدو الله منزل من السماء السابعة يقع به كل سنة موقعا يسأل فيه فصعد إلى السماء في ذلك اليوم الذي كان يصعد فيه، فقال الله له أو قيل له عن الله: هل قدرت من أيوب عبدي على شئ؟ قال: أي رب وكيف أقدر منه على شئ؟ وإنما ابتليته بالرخاء والنعمة والسعة والعافية، وأعطيته الأهل والمال والولد والغنى والعافية في جسده وأهله وماله، فما له لا يشكرك ويعبدك ويطيعك وقد صنعت ذلك به؟ لو ابتليته بنزع ما أعطيته لحال عما كان عليه من شكرك ولترك عبادتك، ولخرج من طاعتك إلى غيرها أو كما قال عدو الله. فقال: قد سلطتك على أهله وماله وكان الله هو أعلم به، ولم يسلطه عليه إلا