النجوى من ذكر الناس، كما قيل: ثم عموا وصموا كثير منهم. وقد يحتمل أن يكون رفعا على الابتداء، ويكون معناه: وأسروا النجوى، ثم قال: هم الذين ظلموا.
وقوله: أفتأتون السحر وأنتم تبصرون يقول: وأظهروا هذا القول بينهم، وهي النجوى التي أسروها بينهم، فقال بعضهم لبعض: أتقبلون السحر وتصدقون به وأنتم تعلمون أنه سحر؟ يعنون بذلك القرآن كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
أفتأتون السحر وأنتم تبصرون قال: قاله أهل الكفر لنبيهم لما جاء به من عند الله، زعموا أنه ساحر، وأن ما جاء به سحر، قالوا: أتأتون السحر وأنتم تبصرون؟ القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: قل ربي فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: قل ربي على وجه الامر. وقرأه بعض قراء مكة وعامة قراء الكوفة:
قال ربي على وجه الخبر.
وكأن الذين قرؤوه على وجه الامر أرادوا من تأويله: قل يا محمد للقائلين أتأتون السحر وأنتم تبصرون: ربي يعلم قول كل قائل في السماء والأرض، لا يخفى عليه منه شئ وهو السميع لذلك كله ولما يقولون من الكذب، العليم بصدقي وحقيقة ما أدعوكم إليه وباطل ما تقولون وغير ذلك من الأشياء كلها. وكأن الذين قرأوا ذلك قال على وجه الخبر أرادوا: قال محمد: ربي يعلم القول خبرا من الله عن جواب نبيه إياهم.
والقول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء، وجاءت بهما مصاحف المسلمين متفقتا المعنى وذلك أن الله إذا أمر محمدا بقيل ذلك قاله، وإذا قاله فعن أمر الله قاله، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب في قراءته. القول في تأويل قوله تعالى: