وقال آخرون: بل ذلك كل ما كان منهيا عنه من الفعل، حتى قول القائل: لا والله، وبلى والله. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: كان له فسطاطان: أحدهما في الحل، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل، فسئل عن ذلك، فقال: كنا نحدث أن من الالحاد فيه أن يقول الرجل: كلا والله، وبلى والله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن أبي ربعي، عن الأعمش، قال:
كان عبد الله بن عمرو يقول: لا والله وبلى والله من الالحاد فيه.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معني بالظلم في هذا الموضع كل معصية لله وذلك أن الله عم بقوله: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصى الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له. وقد ذكر عن بعض القراء أنه كان يقرأ ذلك: ومن يرد فيه بفتح الياء، بمعنى: ومن يرده بإلحاد من وردت المكان أرده. وذلك قراءة لا تجوز القراءة عندي بها لخلافها ما عليه الحجة من القراء مجمعة مع بعدها من فصيح كلام العرب. وذلك أن يرد فعل واقع، يقال منه: هو يرد مكان كذا أو بلدة كذا غدا، ولا يقال: يرد في مكان كذا. وقد زعم بعض أهل المعرفة بكلام العرب أن طيئا تقول: رغبت فيك، تريد: رغبت بك، وذكر أن بعضهم أنشده بيتا:
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه * ولكنني عن سنبس لست أرغب بمعنى: وأرغب بها. فإن كان ذلك صحيحا كما ذكرنا، فإنه يجوز في الكلام، فأما القراءة به غير جائزة لما وصفت. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) *.