ماتوا، ولهم مع ذلك أيضا أن الله يعدهم النصر على المشركين الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به قال: هم المشركون بغوا على النبي (ص)، فوعده الله أن ينصره، وقال في القصاص أيضا.
وكان بعضهم يزعم أن هذه الآية نزلت في قوم من المشركين لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم، وكان المسلمون يكرهون القتال يومئذ في الأشهر الحرم، فسأل المسلمون المشركين أن يكفوا عن قتالهم من أجل حرمة الشهر، فأبى المشركون ذلك، وقاتلوهم فبغوا عليهم، وثبت المسلمون لهم فنصروا عليهم، فأنزل الله هذه الآية: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه بأن بدئ بالقتال وهو له كاره، لينصرنه الله. (وقوله: إن الله لعفو غفور يقول تعالى ذكره: إن الله لذو عفو وصفح لمن انتصر ممن ظلمه من بعد ما ظلمه الظالم بحق، غفور لما فعل ببادئه بالظلم مثل الذي فعل به غير معاقبه عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك هذا النصر الذي أنصره على من بغى عليه على الباغي، لأني القادر على ما أشاء. فمن قدرته أن الله يولج الليل في النهار يقول: يدخل ما ينقص من ساعات الليل في ساعات النهار، فما نقص من هذا زاد في هذا. ويولج النهار في الليل ويدخل ما انتقص من ساعات النهار في ساعات الليل، فما نقص من طول هذا زاد في طول هذا، وبالقدرة التي يفعل ذلك ينصر محمدا (ص) وأصحابه على الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم وأموالهم. وأن الله سميع بصير يقول: وفعل ذلك أيضا بأنه ذو سمع لما يقولون من قول لا يخفى عليه منه شئ، بصير بما يعملون، لا يغيب عنه منه شئ، كل ذلك منه بمرأى ومسمع، وهو الحافظ لكل ذلك، حتى يجازى جميعهم على ما قالوا وعملوا من قول وعمل جزاءه. القول في تأويل قوله تعالى: