ظلمت وصنع بي فأعطاه خاتمه وقال: اذهب فأتني بصاحبك وانتظره، فأبطأ عليه الآخر، حتى إذا عرف أنه قد نام وأخذ مضجعه، أتى الباب أيضا كي يغضبه، فجعل يدقه، وخدش وجه نفسه فسالت الدماء، فخرج إليه فقال: ما لك؟ فقال: لم يتبعني، وضربت وفعل فأخذه ذو الكفل، وأنكر أمره، فقال: أخبرني من أنت؟ وأخذه أخذا شديدا، قال: فأخبره من هو.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: وذا الكفل قال: قال أبو موسى الأشعري: لم يكن ذو الكفل نبيا، ولكنه كفل بصلاة رجل كان يصلي كل يوم مئة صلاة، فوفى، فكفل بصلاته، فلذلك سمي ذا الكفل.
ونصب إسماعيل وإدريس وذا الكفل، عطفا على أيوب، ثم استؤنف بقوله: كل فقال: كل من الصابرين ومعنى الكلام: كلهم من أهل الصبر فيما نابهم في الله.
وقوله: وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين يقول تعالى ذكره: وأدخلنا إسماعيل وإدريس وذا الكفل والهاء والميم عائدتان عليهم في رحمتنا إنهم من الصالحين يقول: إنهم ممن صلح، فأطاع الله وعمل بما أمره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) *.
يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمد ذا النون، يعني صاحب النون. والنون: الحوت.
وإنما عنى بذي النون: يونس بن متى، وقد ذكرنا قصته في سورة يونس بما أغني عن ذكره في هذا الموضع، وقوله: إذ ذهب مغاضبا يقول: حين ذهب مغاضبا.
واختلف أهل التأويل في معنى ذهابه مغاضبا، وعمن كان ذهابه، وعلى من كان غضبه، فقال بعضهم: كان ذهابه عن قومه وإياهم غاضب. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وذا النون إذ ذهب مغاضبا يقول: غضب على قومه.