سمعت الضحاك يقول في قوله: وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام يقول: لم أجعلهم جسدا ليس فيهم أرواح لا يأكلون الطعام، ولكن جعلناهم جسدا فيها أرواح يأكلون الطعام.
قال أبو جعفر: وقال وما جعلناهم جسدا فوحد الجسد وجعله موحدا، وهو من صفة الجماعة، وإنما جاز ذلك لان الجسد بمعنى المصدر، كما يقال في الكلام: وما جعلناهم خلقا لا يأكلون.
وقوله: وما كانوا خالدين يقول: ولا كانوا أربابا لا يموتون ولا يفنون، ولكنهم كانوا بشرا أجسادا فماتوا وذلك أنهم قالوا لرسول الله (ص)، كما قد أخبر الله عنهم: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا... إلى قوله: أو تأتي بالله والملائكة قبيلا قال الله تبارك وتعالى لهم: ما فعلنا ذلك بأحد قبلكم فنفعل بكم، وإنما كنا نرسل إليهم رجالا نوحي إليهم كما أرسلنا إليكم رسولا نوحي إليه أمرنا ونهينا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وما كانوا خالدين: أي لا بد لهم من الموت أن يموتوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين) *.
يقول تعالى ذكره: ثم صدقنا رسلنا الذين كذبتهم أممهم وسألتهم الآيات، فأتيناهم ما سألوه من ذلك ثم أقاموا على تكذيبهم إياها، وأصروا على جحودهم نبوتها بعد الذي أتتهم به من آيات ربها، وعدنا الذي وعدناهم من الهلاك على إقامتهم على الكفر بربهم بعد مجئ الآية التي سألوا. وذلك كقوله جل ثناؤه: فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وكقوله: ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب ونحو ذلك من المواعيد التي وعد الأمم مع مجئ الآيات. وقوله: فأنجيناهم يقول تعالى ذكره: فأنجينا الرسل عند إصرار أممها على تكذيبها بعد الآيات، ومن نشاء وهم